الخميس، 3 فبراير 2011

متربصي الثورة


حقق الشعب التونسي إنجازاً ثورياً عربياً غير مسبوق في تاريخ الثورات في الوطن العربي، الأمر الذي سيثير شهية المتربصين، داخلياً وخارجياً، من أجل ضمان حصة لهم في أي نظام جديد تكون الغاية منها ضمان عقد صفقات سياسية واقتصادية وأمنية مع النظام الجديد، تلك الصفقات ستكون على حساب مصالح فقراء تونس. ومن خلال مراقبة ردود الفعل كان السبَّاق للعب هذا الدور بعض دول الغرب الرأسمالية. وفي المقابل سوف تتسابق نخبا داخلية للحظوة بكرسي لها في النظام الجديد. كما أن بعض القوى الإقليمية الضالعة بتنفيذ «مشروع الشرق الأوسط الجديد» لن تكون بعيدة عن اقتناص الفرصة، هذا إذا كانت لم تدخل على خط الصيد حتى الآن كثيرون هم طالبوا ود أطراف الحركة الاجتماعية التي أسهمت إلى جانب الشعب التونسي في إنجاز الوجه الأول من الثورة. وإذا لم تكن شديدة الحذر والوعي فسوف تقع في مصيدة قنَّاصي الفرص الذين يعملون لحساب مشاريعهم الخاصة. وقد علَّمتنا تجارب الماضي أن همَّ القنّاصين هو ضمان مصالحهم حتى ولو كانت على حساب إن كانت على حساب المصالح الوطنية وعي القيادات الوطنية التونسية لهذه الحقيقة تمثل الوجه الأول، والوجه الثاني أن يكون الوعي شاملاً، الأمر الذي يعني أن تنخرط جميع القيادات أو أكثرها على الأقل في عمل جبهوي على أن يتم إنجازه بسرعة لتصويب قرارها في المرحلة الانتقالية التي لا تحتمل التأجيل، ولذلك على تلك القوى أن لا تبقى مشتتة فتذهب نتائج الثورة مع الريح. وتذهب دماء الشهداء سدى.
إنّ قناصي الفرص ثلاثة و هم:
-النخب المحلية تتألف ممن هم مستعدون لإظهار وجههم الحسن، وكلامهم المنمَّق طريقاً للوصول إلى مقاعد السلطة. ومتى وصلوا إليها سينقلبون على ما وعدوا به.
-
قوى الرأسمالية ودولها وهم كانوا منذ بداية تأسيس الأنظمة العربية الحديثة الداء الأساس في أمراض الأمة لأنهم غير معنيين بتقديم علاج لها، ولذلك سيُخرج كل منهم احتياطه من عملاء الداخل ووسطائهم لتسويقهم ودعمهم بشتى الوسائل والسبل وإيصالهم للسلطة.
-بعض الدول الإقليمية المجاورة للوطن العربي، وهم الطامعون ببناء مواقع قوة في قلب هذا الوطن في مرحلة تطبيق وطن الدويلات الطائفية الجاري تطبيقه الآن على قدم وساق.
-
ومن بين هذه القوة أو تلك يأتي دور الدين السياسي الذي تخترقه كل القوى الطامعة بوطننا العربي، وهم من الذين يبيعون ويشترون على حساب أوهام بناء دولة دينية، حتى ولو كانت دويلات لا حول و لا قوة لها. لقد اجتثَّ الشعب التونسي نظاماً طالما امتصَّ منه الدم والروح، وهذا جانب من مهمات الثورة، أما الجانب الآخر والذي يتطلب وعياً ووقتاً لبناء نظام بديل لهو الأكثر أهمية من أجل توفير إصلاح جذري لنظام أعطى الأولوية للفاسدين واللصوص ممن سرقوا لقمة العيش من أفواه الفقراء العاطلين عن العمل فالمرحلة القادمة في نضالات الشعب التونسي ستواجه خطرين شديدين و هما:
-الخطر الماثل بالدول والقوى الخارجية التي ستقوم بدورها بالترهيب والترغيب. بحيث سيكون تدخلها جدياً، وإذا لم تستطع أن تحصل على ما تريد قد ترتكب حماقة تحويل الحركة المطلبية الداخلية إلى حرب أهلية قد تأكل أخضر الإنجازات التي حصلت حتى الآن و يابسها.
-وخطر إنتاج نظام شبيه بالنظام الذي تم إسقاطه، بحيث لا يتغيَّر فيه إلاَّ وجوه الأشخاص و أسماؤها أما الوفاء لدماء الشهداء فيقتضي وجود إجماع وطني من الأحزاب والنقابات والقوى المخلصة التي ستقود المرحلة الانتقالية. وحول ذلك نرى أن إنجاز خطوتين أساسيتين يعتبر من ضرورات المرحلة
 -الأولى: على تلك المجاميع السياسية والنقابية أن تبادر إلى تشكيل مجلس وطني انتقالي ذي قرار مستقل، يشرف على الترتيبات الانتقالية، بحيث يتشكل منه لجنة متابعة وسهر يومي لتحديد المواقف المناسبة في الوقت المناسب
-الثانية: أن تتحمل القوى القومية وأحزابها مسؤولياتها وتفي بواجباتها وذلك من خلال تقديم كل أشكال الدعم المعنوي والسياسي للحركة الوطنية التونسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق