السبت، 26 فبراير 2011

الإسلام و الغرب


   التقرير الذي نشر على عدة مواقع في الشبكة العنكبوتية قبل فترة ويقول أن أعداده استغرق ثلاث سنوات, يشير هذا التقرير إلى أن عدد المسلمين في العالم بلغ نحو مليار وسبعة وخمسون مليون  نسمة، وهذا يعني أن هناك مسلم واحد بين كل أربعة أشخاص في العالم تقريبا. جاء في هذا التقرير أيضا الذي حمل عنوان "خريطة المسلمين في العالم" أن عدد المسلمين في ألمانيا أكثر من عددهم في لبنان، وعددهم في الصين أكثر من سوريا، وعددهم في روسيا يفوق عددهم في الأردن وليبيا معا، وعددهم في إثيوبيا يماثل تقريبا عددهم في أفغانستان.
   ويقول التقرير إنه بينما يتركز الثقل الإسلامي في الشرق الأوسط، فإن العدد الأكبر من المسلمين يعيشون في آسيا حيث يوجد هناك أكثر من 60% من عدد المسلمين في العالم.
   ويعيش نحو 20% من المسلمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و15% في دول جنوب الصحراء الأفريقية و2.4% في أوروبا و0.3% في الأمريكتين.
ويشير التقرير إلى أن نحو 317 مليون مسلم -أي خمس عدد المسلمين في العالم- يعيشون في بلدان لا يشكل المسلمون أغلبية فيها.
ونحو ثلاثة أرباع المسلمين الذين يعيشون كأقليات يتركزون في خمسة بلدان، وهي -حسب التقرير- الهند (161 مليون مسلم) وإثيوبيا (28 مليون مسلم) والصين (22 مليون مسلم) وروسيا (16 مليون مسلم) وتنزانيا (13 مليون مسلم).
ويذهب التقرير إلى أن ثلثي المسلمين يعيشون في عشر دول، ست منها في آسيا (إندونيسيا وباكستان والهند وبنغلاديش وإيران وتركيا)، وثلاث في شمال أفريقيا (مصر والجزائر والمغرب)، ودولة واحدة في دول جنوب الصحراء الأفريقية وهي نيجيريا.
   وتضم إندونيسيا أكبر عدد من المسلمين (203 ملايين مسلم أو 13% من عدد المسلمين في العالم). أكثر من نصف المسلمين في أوروبا هم من السكان الأصليين وأوروبا يقطنها, كما ذكر التقرير, 38 مليون مسلم، من بينهم أكثر من أربعة ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا وحدها.
   ومن بين نحو 4.6 ملايين مسلم يعيشون في الأمريكتين، يوجد أكثر من نصف هذا العدد في الولايات المتحدة حيث يشكلون 0.8% من العدد الكلي للسكان في هذا البلد، ونحو 700 ألف مسلم في كندا.
وأشارت الدراسة إلى أنه فيما يعتقد كثير من الناس أن المسلمين في أوروبا هم في غالبيتهم من المهاجرين، فهذا ينطبق فقط على أوروبا الغربية في حين أنهم في مناطق أوروبية أخرى مثل روسيا وألبانيا وكوسوفو، فإن المسلمين هم من السكان الأصليين، موضحاً أن "أكثر من نصف المسلمين في أوروبا هم من السكان الأصليين".
9 من كل 10 مسلمين هم من السنة
وكشفت الدراسة أن 9 من كل 10 مسلمين هم من السنة، في حين أن الباقين هم من المسلمين الشيعة، ويعيش في إيران ثلث الشيعة في العالم.
     أكبر التجمعات الإسلامية في العالم
أما أكبر التجمعات الإسلامية في العالم بحسب الدراسة فجاءت على النحو التالي:
1. إندونيسيا وتضم 202867000 مليون مسلم ويشكلون 88.2 في المائة من السكان.
2. باكستان وتضم 174082000 مليون مسلم ويشكلون 96.3 في المائة من السكان.
3. الهند وتضم 160945000 مليون مسلم ويشكلون 13.4 في المائة من السكان.
4. بنغلاديش وتضم 145312000 مليون مسلم ويشكلون 89.6 في المائة من السكان.
5. مصر وتضم 78513000 مليون مسلم ويشكلون 94.6 في المائة من السكان.
6. نيجيريا وتضم 78056000 مليون مسلم ويشكلون 50.4 في المائة من السكان.
7. إيران وتضم 73777000 مليون مسلم ويشكلون 99.4 في المائة من السكان.
8. تركيا وتضم 73619000 مليون مسلم ويشكلون 98 في المائة من السكان.
9. الجزائر وتضم 34199000 مليون مسلم ويشكلون 98 في المائة من السكان.
10. المغرب وتضم 31993000 مليون مسلم ويشكلون 99 في المائة من السكان.
   فعلى الرغم من أن هناك  دراسة أمريكية نشرت قبل حوالي أربع سنوات تشير إلى أن المسلمين الذين يعيشون في الغرب وكان عددهم حينذاك 15 مليون لا يمثلون أي خطر على القيم والسياسة الأوروبية بعكس ما يروج له البعض إلا أن هذه التقارير وغيرها من الإحصائيات  تؤكد تخوف الغرب من زيادة أعداد المسلمين وانتشار الإسلام بصورة كبيرة في العالم 
   فكانت هذه التقارير وغيرها من الإحصائيات من  أهم أسباب الحرب القائمة حاليا ومنذ زمن بعيد على الإسلام وتقوم بها منظمات كارهة لهذا الدين وتسعى إلى الحد من انتشاره في السر والعلن بحجة الخوف من الإسلام ومن سيطرة المسلمين على دول العالم فحاولوا ولا يزالوا يحاولون بشتى الطرق أن يتفذوا مخططاتهم الخبيثة من كل جهة وبكل الطرق المتاحة والغير متاحة ضد الإسلام والمسلمين في كل مكان, فقد كشف أمين عام مجلس الكنائس العالمي لوسط وشرق إفريقيا سابقاً أشوك كولن يانق - الذي أعلن إسلامه بفضل الله وكرمه  في حوار نشر في عدة مواقع على الأنترنت – كشف عن أبعاد المخطط الذي تتبعه الآلاف من المنظمات الغربية الكنسية في تنصير المسلمين عبر وسائل وأساليب متعددة منها الغطاء الإنساني وسلاح المعونات، وممارسة الضغوط على الحكومات العربية والإسلامية حتى تستجيب للمطالب الغربية.

   لأن انتشار الإسلام بهذه السرعة الكبيرة يخيف أمريكا وأوروبا، ولهذا فإن الكنيسة تعمل على منع المنظمات الإسلامية من ممارسة العمل الخيري، وتجفيف منابعه، وتحجيم نشاطاته، وهذا المخطط بدأ منذ 20 عاماً، ونحن الآن في المراحل الختامية لتنفيذه، وإغلاق جميع المنظمات الخيرية ذات الطابع الإسلامي، لأن هذه المنظمات لها دور كبير في نشر الإسلام، وتحصين المسلمين ضد التنصير، وتوفير احتياجات الفقراء والمنكوبين، في الوقت الذي لا تعمل فيه المنظمات الكنسية إلا في مناطق الفاقة والحاجة والكوارث، والآن أصبح سيف الولايات المتحدة الأمريكية مسلطاً على الحكومات العربية والإسلامية لتحجيم العمل الخيري الإسلامي، وتجفيف مصادر الدخل والدعم حتى تتوقف هذه المنظمات الإسلامية عن أداء دورها الرسالي .

   وقال شوك كولن يانق  أنه شارك في مؤتمر سري عقد في ولاية تكساس الأمريكية لدراسة أوضاع كل دولة إسلامية على حدة، واتخاذ الإجراءات المناسبة من أجل تنصير أبنائها أو إبعادهم عن دينهم.
وأكد أنه كلف بمهمة تسلم مبلغ مليون و800 ألف دولار من الكنيسة الهولندية وتسليمه إلى نظيرتها في إحدى الدول العربية بهدف إنفاقه على الحركات العلمانية وضرب الحركات الإسلامية بها، والزج بأعضائها في السجون والمعتقلات حتى لو وصل الأمر إلى تصفية رموزها.
   وأوضح أن أموال المؤسسات الاستثمارية الغربية العاملة في العالم العربي والإسلامي تذهب لرعاية الأنشطة التنصيرية، لافتاً إلى أن جميع الدول الإسلامية تشهد موجات واسعة من التنصير غير المعلن.
وقال ان الدور الذي تقوم به المنظمات الغربية الخيرية في إفريقيا خاصة والعالم العربي والإسلامي بصفة عامة، وأنها في حقيقتها منظمات كنسية تعمل تحت غطاء إنساني، لكن جوهر عملها تنصير المسلمين أو إبعادهم عن دينهم بأساليب مدروسة ومتنوعة. وأن عدد المنظمات التي يرعاها مجلس الكنائس العالمي من الصعب إحصاؤه لكن كما ذكر أنه بالآلاف، والسودان وحده يعمل فيه أكثر من 500 منظمة كنسية!
وهذه المنظمات الكنسية, أو بالأحرى التنصيرية, لا تعمل عشوائياً، وإنما وفق دراسات وأبحاث دقيقة، فهي تدرس الدولة أو المنطقة المرشحة للتنصير من حيث خريطة أديانها وعددها، ومدى تمسك الناس بدينهم، ونوعية الأجناس، وتحديد احتياجات المنطقة من مال وغذاء وتعليم وخدمات صحية وغيرها.
   وأضاف أشوك: وأساليب التنصير كثيرة, وهي تختلف حسب دين الشخص المستهدف ومدى تمسكه به، ومدى احتياجه إلى المال والصحة والتعليم وغير ذلك، فاللادينيون تدفعهم الحاجة إلى اعتناق المسيحية دون عناء إذا ما توافرت لهم احتياجاتهم، أما المسلمون فالمنظمات الكنسية تعمل في اتجاهين: إما تنصيرهم، أو إبعادهم عن دينهم.. وأساليب تنصير المسلمين تقوم على الترغيب والتدرج والمرحلية.
   وقال: إذا كان المسلم متديناً، كنا ندخل إليه من خلال بوابة الشهوات كالشهرة أو التعليم أو المنصب أو النساء، وبأن يقوم أحد المنصرين بمصادقته، والوقوف على احتياجاته، والعمل على حل جميع مشكلاته حتى يصبح أسيراً له ومعتمداً عليه بدرجة أساسية، ومن ثم يتحكم فيه، ويتحول تلقائياً إلى النصرانية، أو يبتعد عن دينه. وفضح أشوك جرائم حكومات التنصير بقوله:إذا فشلنا في تحقيق مرادنا كنا نلجأ إلى أساليب أخرى كثيرة، منها الضغط على الحكومات التي لا تأخذ بتوجيهات الكنيسة عن طريق دول بعينها في الغرب، ونهدد بوقف الخدمات التي نقدمها لشعوبهم.. وتلك الخدمات التي أصبحت لا غنى لهم عنها، ولا يستطيعون العيش من دونها، أو الخيار الآخر وهو فرض العقوبات عليها، وإثارة فتن واضطرابات داخلية.
   وحول مصادر الأموال التي تنفقها المنظمات الكنسية قال أشوك: يوجد في الدول الغربية عرف سائد بموجبه يتم اقتطاع 5 في المائة من راتب كل موظف للتنصير، هذا فضلا عن أن معظم المؤسسات الاستثمارية الغربية العاملة في إفريقيا وآسيا هي مؤسسات كنسية بالدرجة الأولى, أي أن أموالها تذهب لمصلحة أنشطة الكنيسة، وبدورها تقوم الكنيسة برعاية أنشطة التنصير. وشدد أشوك: معظم البلاد العربية والإسلامية تشهد موجات عاتية من التنصير، ولكل دولة برامج خاصة بها، ويستطيع الغرب أن يبني أي عدد من الكنائس فيها، وله في ذلك أساليب مختلفة ومتنوعة.
وأوضح أشوك كولن يانق أن المنظمات الغربية كانت تغدق عليهم الأموال بلا حساب، وكانت توفر لهم – أي العاملين في التنصير - كل ما يحتاجون إليه من سيارات فارهة ومساكن فاخرة، ورحلات إلى كل دول العالم، وكانوا ينفقون ببذخ شديد ويعيشون في ثراء وترف! ولكنه رغم هذا الترف تحول إلي دين الإسلام لأنه لم يكن يشعر بالاستقرار النفسي، فكان دائماً يشعر بأن الأعمال التي يقوم بها غير متلائمة مع فطرته، الأمر الذي كان يشعره بالقلق. ومن خلال دراسته لمقارنة الأديان في مرحلة الماجستير خرج بنتائج عديدة عن الإسلام ورسالته العالمية فترك الكنيسة وما فيها وأسلم عام 2002. وأختتم أشوك حواره برسالة وجهها إلى كافة المسلمين قائلا : إلى إخواني المسلمين أقول: لقد أنعم الله - عز وجل - عليكم بالإسلام فلا تهجروه، ولا تفرطوا فيه، لأنه ثروة حقيقية مستهدفة من الغرب المسيحي، وإن طبقتم الإسلام في حياتكم فسوف تكونون أقوياء، وسوف يخشاكم الغرب، وما عليكم إلا أن تهتموا بالعلم من أجل بناء قاعدة علمية تمكنكم مادياً وعلمياً من مواجهة المؤامرات والفتن، وفي تقديري لو طبق المسلمون 10% من دينهم في حياتهم لتفوقوا على الغرب، وتجاوزا كثيراً من مشكلاتهم، فما بالنا لو طبقوه كاملاً.
   وبالفعل هذه الرسالة خير دليل على عظمة هذا الدين والتمسك به وتطبيق الشريعة الإسلامية يخرج الإنسان إلى من الظلمات إلى النور ويصل به إلى بر الأمان ويجعله يعيش في راحة نفسية وراحة بال لا يجدها ولا يحس بها أي إنسان آخر يعتنق دينا غير الإسلام , فهذه المخططات وغيرها من الطرق الماكرة التي يقوم بها أعداء الإسلام لوقف انتشاره وتخويف العالم من الدخول فيه ولكن محاولاتهم دائما ما تواجه الفشل وتأتي بنتيجة سلبية وعكسية على أصحابها ومروجيها بل ساعدت بشكل كبير على زيادة انتشار الإسلام وجعلت الكثير من الناس بكافة ألوانهم ولغاتهم وفئاتهم يدخلون إلى الإسلام أفواجا ومنهم العلماء والمفكرين الذين تركوا ملتهم وديانتهم واعتنقوا الإسلام عن قناعة تامة بعد أن أطمئنت قلوبهم لهذا الدين , فقد أصبحنا نسمع كل حين وآخر عن أخبارا تدل على عظمة الدين الإسلامي من الدول الغير مسلمة وعلى لسان كبار المسئولين عنها فعلى سبيل المثال نرى أن وزير الداخلية الألماني فولفغانغ شويبلة دعا إلى الاعتراف رسميًا بالدين الإسلامي في ألمانيا, مشيرًا إلى أنه يسعى إلى منح المنظمات الإسلامية وضعًا قانونيًا مشابهًا لما تتمتع به الكنيستان الكاثوليكية والبروتستانتية. جاء ذلك في مقابلة أجرتها معه صحيفة دير تاجستسايتونغ الصادرة في برلين وقال ان تأخر اعتراف بلاده الرسمي بالإسلام حتى الآن يرجع "إلى افتقاد الدولة الألمانية لشريك واحد تحاوره ممثلاً للأقلية المسلمة المقدرة بأكثر من 3.5 ملايين نسمة".
   وهناك خبر آخر يقول أن صحيفة "لوسوار" البلجيكية" ذكرت أن أكثر من نحو أربعين ألف مواطن أشهروا إسلامهم خلال الأعوام القليلة الماضية، بشكل جعل بروكسل تشكل المعدل الأعلى بين دول القارة الأوروبية في اعتناق مواطنيها للإسلام.
وأوضحت الصحيفة أن عدد سكان بلجيكا يصل لعشرة ملايين نسمة، بينهم 450 ألف مسلم،
وقبل عدة أشهر افتتح أكبر مسجد في ألمانيا  بضاحية ماركسلوه في مدينة دويسبورج الصناعية في شمال غرب ألمانيا بمئذنته التي يبلغ ارتفاعها 34 مترًا وقاعته التي تتسع لنحو 1200 مصل , قال تعالى : (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) سورة النصر
الحمد لله على نعمة الإسلام , اللهم أعز الإسلام والمسلمين في كل مكان وأجعل كيد أعدائهم في نحورهم .

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

لا تقوم الأنظمة إذا سقطت

يعيش " القادة " العرب هذه الأيام حالة من الخوف و الذعر الشديدين و قلق حول مصيرهم بعد الاطاحة بهم في ظل تتالي تساقط الأنظمة الديكتاتوريات العربية التي تعتبر الأقوى من حيث تغلغل أجهزتها الأمنية داخل صفوف الشعب كما أن لها قدرة على اخضاع هذه الشعوب  وتطويعها لارادتها و توجهاتها. و اليوم بعد سقوط النظامين في تونس و مصر بعد ثورتين مجيدتين سقطت كذلك صورة الحاكم العربي  ونزلت إلى الحضيض فلم يعد كما كان القائد و الملهم و المفكر و صاحب النظر الاستشرافي و الرأي السديد و الاختيارات الصائبة  والحلول الجذرية الناجعة لحل مشاكل شعبه و صانع المعجزات. لم يعد " القائد " بالصورة التي كانت عليها من قبل.لقد أدركت الشعوب أن حكامهم و قادتهم و ملوكهم و سلاطينهم جهلة و أغبياء  وأنهم لا يساوون شيئا و كل ما قيل في شأنهم كذب ومين و زيف فلا مستوى علمي و لا أخلاقي فشهاداتهم الجامعية مزورة و مدلسة فالبعض منهم لا يستطيع صياغة جملة بل لا يقدرون على القراءة بشكل سليم فضلا على  تأسيس تصور فكري و سياسي لنظام الحكم فكانوا لا  يرون في تسيير إلا طريقة واحدة  قمع الحريات و تكميم الأفواه مخافة انفلات زمام الحكم من أيديهم.
لقد سعى "قادة" العرب إلى اخضاع شعوبهم إلى ارادتهم بل و إلى رغباتهم و فرضوا عليهم نمط تفكيرهم و سلطوا عليهم توجهاتهم واختياراتهم غصبا و كرها مستعنين بمستشاري السوء الذين باعوا ضمائرهم من أجل جاه أو منصب. و كل من حاول الاعتراض إلا عد ونعت بالخائن و فاقد الحس الطني و أنه يتلقى التعليمات من الخارج فهو عميل فتعقد له المحاكمات و تتلى قرارات الاتهام وفق فصول قانونية و اعترافات انتزعت تحت التعذيب في غياهب سراديب وزارة الداخلية.
لقد شغلونا بفكرة الأمن و الاستقرار لتحقيق التنمية فكنا نعيش خوفا داخليا من شيء اسمه بوليس و شرطة و محاكم فلا تحقق الأمن لأن نفوسنا كانت مرتجفة مرتعدة و لا الاستقرار و لا جاءت التنمية لقد كان الأمن لحماية " القادة " و الاستقرار للحفاظ على عرشهم و ملكهم  لقد ضاعت مع الأمن كرامتنا و حريتنا فصرنا عبيدا نخرج عند مرور موكب القائد لنهتف و نصفق و نعود إلى بيوتنا فرحين مسرورين هذا حالنا... اليوم حطم الشعب التونسي  و المصري حاجز الخوف و الظلم و انتصر على جلاديه موجها صوته لبقية الشعوب العربية لا تقوم الأنظمة إذا سقطت فمد الثورة سيعصف بكل هذه الحكومات المستبدة.

الاثنين، 21 فبراير 2011

ثورة الشعب الليبي

ثورة الشعب الليبي
هي دعوة لكل أحرار العالم أن يسارعوا لإنقاذ الشعب الليبي قبل فوات الأوان وأن يخلصوه من هذا الطاغية قبل أن يرتكب عشرات المجازر في حق شعبه أيها العالم ...أيتها الشعوب .... أيها الأحرار في كل بقاع العالم.... القذافي يذبح إخوتنا الليبيين بدم بارد....كلنا مسؤولون عما يحدث في ليبيا اليوم.. الأمر يتطلب تدخل دولي لإنقاذ ليبيا تماما كما حدث مع المجرم الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش... ليبيا معزولة عن العالم و القتلى بالمئات و الجرحى بالآلاف.
ثمن الحرية والكرامة فادح وخطير ومؤلم، ولكن الاستكانة للذل والظلم والاستعباد أشد فداحة وخطراً وألماً . الشعوب الحرة الكريمة تغسل عارها وذلها وظلمها بدماء أبناءها بشهدائها وجرحاها فتطهرها من دنسها وأرجا سها فتعود بيضاء نقية كما ولدتها أمها ، أما الشعوب الخانعة الذليلة المستعبدة فهي ليست جديرة بالحياة وخير لها أن تنقرض وتزول فلا يحس بها أحدا ) الكاتب
سلام الله على ليبيا والليبيون الأحرار أبناء عمر المختار الشهيد الحي الذي قال قبل أن يرتفع على خشبة الإعدام ( نحن شعب لا نستسلم نموت أو ننتصر ) سلام الله على الشعب العربي الليبي وهم الآن وفي يومهم الثالث يقاومون أشرس طاغية متخلف ، أرعن أحمق مجنون، المتحجر القلب، والذي لا يرحم مظلوما المشحون بالبغضاء، والكراهية، والحقد، ونقص الثقة بالنفس، ينتقم اليوم من شعبه الثائر عليه ليتلذذ بقتله وسفك دمه، ويُعَذَّب ليبتهج كالطاؤوس، ويسرق المليارات من موارد ونفط بلده ليتمتع بحرمان الآخرين، انه المستبد المجرم البهلوان أخطر الطغاة على الإطلاق قذاف الدم طاغية ليبيا. ليبيا تمتد مساحتها إلى نصف شمال أفريقيا تقريبا، حيث تبلغ مساحتها 1,759,540 كم مربع وعدد سكانها 6 مليون نسمة( طول حدودها البحرية 2000كم) والمرتزقة الأفارقة أسعارهم رخيصة جداً، فقد اشترى الطاغية عدة كتائب وجهزها هي وأجهزة الأمن القذافية الإرهابية لتقتل شعبه وتقذف حِمَماً من القسوة والعنف والوحشية، عدد القتلى في ثلاثة أيام تجاوز المائة وعدد الجرحى بالآلاف، وأبطال ليبيا اليوم محرومون من وسائل الاتصال ومعزولون ليرى العالم أن الصمت على هذا المعتوه كان أمَّ الجرائم. فطاغية الصحراء في أيامه الأخيرة، وشعبنا الليبي الثائر سيدفع ثمنا للحرية أكثر مما دفعه أشقاؤه في مصر وتونس، والبهلوان الطاغية إذا رقص لا يرقص إلا على جثث وأشلاء شعبه، وإذا عطش لا يروي ظمأه إلا الدم كيف لا وقد سمى نفسه قذاف الدم. جرائمه بحق نفسه والآخرين من سجن أبو سليم إلى لوكيربي، ومن الحرب الأهلية اللبنانية إلى اختطاف ضيوفه، ومن دعوته مئات الايطاليات الجميلات ليتأمل سيقانَهن الملساء، ويعرض عليهن اعتناقَ الإسلام إلى تغيير التواريخ، وغيرته الشديدة من الأنبياء وحقده الدفين عليهم، وطعنه في القرآن الكريم وحذفه كلمة قل من الآيات الواردة بها، وطعنه في السنة النبوية الشريفة وإسقاطها، ومن قناعته أن أوروبا تعاديه لأن بطيخ ليبيا أفضل من بطيخ الغرب إلى إعلان الجهاد على سويسرا لأن الشرطة السويسرية حققت مع ابنه وغيرها الكثير، تؤكد كلها إننا أمام طاغية مجرم سفاح لا يقيم وزناً لدين أو خلق أو رأي عربي أو عالمي ويمكن أن يذبح شعبه كله بدم بارد دون أن يرف له جفن أو تهتز له شعرة من رأسه الهيبي المنفوش ولا أظنه سيفهم نداء ( الشعب يريد إسقاط النظام ) فهو يظن أن الشعب يحكُم من خلال اللجان الشعبية التي صنعها ليضحك بها على ذقون الليبيين، وأن جاريّه، بن علي ومبارك، لم يفهما قواعد اللعبة مثله، وأنه على استعداد لدفع تعويضات في مقابل أن يعود الليبيون إلى نومهم أربعة عقود أخرى. سمى نفسه ملك ملوك إفريقيا والعالم العربي، وهو مؤلف الكتاب الأخضر المهزلة والنظرية الكونية الاقتصادية الثالثة، هذا النظام الأبله الذي جند كل ثروات ليبيا من اجل تدعيم سلطته بكل أنواع وصنوف القوى الأمنية والمليشيات المرتبطة به، من اجل قمع شعبه، والبقاء في السلطة أطول فترة ممكنة سوف لن يتوانى عن استخدام كل وسائل العنف والإبادة ضد شعبه الأعزل، خاصة في غياب وسائل الإعلام المختلفة والتعتيم على جميع الأحداث بقبضة حديدية. وحشية هذا النظام وجنونه وبربريته وعدم انصياعه لرغبة وإرادة شعبه , تجعله يتمادى في شروره وجرائمه إذا لم يتدخل المجتمع الدولي وإذا لم يسارع كل الأحرار في العالم العربي لفضح هذا النظام وتعريته. وأن يرفعوا أصواتهم عاليا بالدعم والمساندة بكل ما يستطيعون. لنصرة الشعب الليبي, كي يستمر في انتفاضته المجيدة كما استمر من قبله الشعب التونسي والشعب المصري، وكانت الغلبة في النهاية لإرادة الشعوب الحرة. ما يهمنا وبحسب معرفتنا بوضع ليبيا التي يحكمها اعتي دكتاتور في العالم اليوم هو أن نكون حريصين على الشعب الليبي ونحذر من أن يتعرض هذا الشعب إلى إبادة جماعية على يد هذا الدكتاتور الأرعن الذي قد يدفعه جنونه وحبه للسلطة التي يتمسك بها إلى التهور أكثر فأكثر خاصة إذا ما لمس صمتا من العالم أو إذا رأى عدم المبالاة بما يرتكبه ضد شعبه وإذا لم يسارع الجميع في مد يد العون والمساندة والمؤازرة لهؤلاء الشباب المنتفضين، هي دعوة لكل أحرار العالم أن يسارعوا لإنقاذ الشعب الليبي قبل فوات الأوان، وأن يخلصوه من هذا الطاغية قبل أن يرتكب عشرات المجازر في حق شعبه

الأحد، 20 فبراير 2011

سفير فرنسا الجديد بوريس بوايون يعتذر للشعب التونسي

قدم سفير فرنسا بوريس بوايون اعتذاراته للشعب التونسي عما صدر منه تجاه صحفية تونسية خلال ندوة صحفية عقدهايوم الخميس في أول لقاء له مع الصحافيين حيث رفض الاجابة و نعت اسئلة بعضهم بالغبية.
و حاول أن يبين أنه يحمل الود و التقدير و الاحترام للشعب و لتونس و أن ما وقع منه خطأ لفرط تحمسه و أنه عازم على اصلاح خطئه و تجاوز هذه الغلطة

 و أنه عازم على العمل بكل جهد لتطور العلاقات و مزيد بحث السبل لتطوير الاستثمار و تطوير الاقتصاد
هذا الاعتذار جاء بعد التظاهر اليوم أمام السفارة الفرنسية بتونس و المطالبة برحيله.
لست أدري هل أن هذا السفير ملم بالقواعد الأخلاقية الدبلوماسية و إلا كيف يسمح لنفسه بدفع مصدح الصحفية
و يعبر عن سخطه و غضبه بطريقة وقحة هل كان بإمكانه أن يقوم بما قام به مع الصحافة الفرنسية؟ ثم ماهي المبررات التي قدمها في اعتذاره يبدو أن ما وقع بين حقيقة هذا الرجل الذي جاء بعقلية استعمارية و تصور أننا شعب يسكت عن الاهانة و قد فاته أننا لم نعد نقبل من يحاول مجرد خدش كرامتنا حتى و لو اعتذر و قدم مبررات و حاول كسب ودنا بالقول يجب البحث في الطرق الكفيلة لتبادل الصحافيين و الأساتذة و الطلبة أنت لا تستطيع شراء الصحافيين في تونس و لا الأساتذة و لا الطلبة مقابل الفيزا أنت في تونس و أهنت الشعب و أخطأت في حقه و نحن اليوم لن نقبل من يدوس على كرامتنا فلهذا نقول لك dégage

الأربعاء، 16 فبراير 2011

سقوط الأقنعة


في بداية الثورة التونسية على النظام الغاشم لبن علي هب تقريبا كل أفراد الشعب التونسي كرجل واحد ليقولوا للرئيس المخلوع dégage ارحل لقد ضقنا ذرعا بحكمك و بزوجتك وبناتك و أصهارك و وزرائك و ولاتك وحزبك و بوليسك و كل من لف لفك. ارحل لقد تجاوزت كل حد في السلب و النهب و السرقة لقد أقمت منظومة أمنية تحرص على حمايتك و أسرتك فكانت إرهابا للشعب الذي كان صمته غليانا داخليا مثل البركان قبل انفجاره.
لقد كان الشعب التونسي وديعا مسالما يرنو إلى حياة كريمة تليق بتطوره الفكري و السياسي لكنه عمل بالقسوة و الغطرسة و التنكيل و إقامة المحاكم الصورية حيث الأحكام الجاهزة وإلصاق التهم الملفقة دون إثباتات و لا أدلة و براهين فملأت السجون بكل معارض صادق نزيه أو هجر و شرد. هب الشعب التونسي في ثورة لم يشهد التاريخ مثيلا لها و تصدى للرصاص والضرب و التعنيف و القتل. كان الشعب صامدا في وجه كل أنواع و أساليب القهر و الظلم والتعدي على الكرامة فخرجت المظاهرات المحتجة و قامت الاعتصامات و الإضرابات في جميع القطاعات عمالا و فلاحين و طلبة و تلاميذ.
ولعل من أكبر المظاهرات تجمع أكثر من عشرين ألف مواطن أمام وزارة الداخلية رمز سيادة الدولة منادين برحيل بن علي و صارخين يسقط حزب التجمع و خبز و ماء وبن علي لاdégage يا خماج.
إن كل ثورة تحتاج إلى دفع معنوي من رموز الشعب يحفزون و يشدون على الأيادي ويباركون و يوجهون و هذا الدفع يكون من الفنانين و المثقفين بمختلف انتماءاتهم تحتاج الثورة إلى دعم الأئمة و المفتي و الوعاظ و المرشدين الدينيين. لقد مرت الثورة دون أن نسمع من هؤلاء كلمة على كثرتهم إلا من بعض المعروفين بمعارضتهم للنظام
اليوم بعد الثورة خرج علينا ممن كانوا يهللون ويصفقون و يباركون لبن علي و يناشدونه الترشح لولاية رئاسية في سنة 2014 باعتباره خيار المستقبل.طلع علينا هؤلاء ليقولوا أنهم مع الثورة و الشعب و أنهم متضامنون معه متحدين. أين أنتم عندما كان الشعب في حاجة إليكم يا من تتشدقون كونكم مثقفون و مبدعون بل هناك من أطلقت على نفسها لقب المفكرة. أين أنتم من ثورة الشعب المباركة كنا نعتقد أن الثورات لا تتحقق و تقوم إلا بتوجيهات و أفكار مثقفي الأمة و مفكريها و مبدعيها لكن ثورة تونس قامت بعزم المستضعفين و المستغلين و الفقراء والمساكين لقد يئس منكم الشعب و أيقنوا أنكم لن تكونوا إلا في صف الجلاد.
اليوم تريدون الكذب علينا علنا لقد سقطت أقنعتكم نعم هذه هي إحدى فوائد الثورة التي أسقطت أقنعة كثيرة طالما حملت شعارات لم تكن يوما سوى كذبة كبيرة. لقد نشطت أسواق كثيرة بفضل الثورة أسواق الشعر و الأغاني و المسرح و السينما و الخطب... و تسابق هؤلاء بالاتصال بالصحافيين ليقولوا أنهم كانوا مع الثورة منذ بداية إرهاصاتها و أنهم أبناء الشعب ومن الشعب.
من العجيب و الغريب أنه في اليوم الثاني للثورة لم يجرأ أحد من هؤلاء أشباه الفنانين بالتصريح و إبداء رأيه في ما حصل فقامت إحدى القنوات العربية الفضائية بالاتصال بمطربة تونسية تعيش خارج الوطن لرصد موقفها فرفضت الكلام حتى تتوضح الرؤيا و غيرها كثير لذلك فإن الشعب التونسي يقول لهؤلاء dégage

النّظام الرّئاسي والنّظام البرلماني

بعد الإطاحة ببن علي و سقوط نظامه طرحت عدة أسئلة تتعلق بسلطة الرئيس و مهامه ومراقبته و محاسبته خاصة و أن سلطة الرئيس كانت مطلقة فهو يجمع بين يديه السلط الثلاث وفي كثير من الأحيان يتصرف في نظام الحكم كأنه ملك شخصي. بعد الثورة تساءل الكثيرون عن أفضل النظم التي تحفظ مراقبة دائمة لسلطة الرئيس و بقية السلطات الأخرى الأستاذ رضا الماجري أستاذ القانون بكلية الحقوق بسوسة يفسر الفروق بين النظام الرئاسي و البرلماني.


تتعالى أصوات التّونسيين اليوم مطالبة بإقرار النّظام البرلماني نظاما سياسيا للبلاد التّونسيّة رفضا منهم لكلّ أشكال دمج السلط وتغوّل السلطة التّنفيذيّة وشخصنة الحكم مستندين في هواجسهم تجربة البلاد المريرة في الممارسة السياسية المشوهة. وإنّ دلّ ذلك على رقيّ ملحوظ في تطوّر الوعي السياسي العام للشعب التّونسي وبلوغه مرحلة المطالب السياسية ذات الصبغة القانونية وهو ما يعدّ مراكمة تاريخية لمطالبته ببرلمان تونسي في أحداث تسعة أفريل الموافق لعيد الشهداء الأول إلاّ أنّه يستوجب بالمقابل توضيح المسائل التقنية من قبل نخب الشعب السياسية و القانونية. يمكننا تيسيرا للأمور أنّ نعرّف النظام السّياسيّ بأنّه يتمثّل في مجموع المؤسّسات السياسية و الطرق القانونية المتعلقة بتنظيم السلطة و ممارستها في إطار الدولة. وتنقسم الأنظمة السياسية الديمقراطية القائمة على مبدأ تفريق السّلط إلى أنظمة رئاسيّة وأنظمة برلمانيّة.
ويعتقد عامّة النّاس خطأ أنّ النّظام السياسي التّونسي نظاما رئاسيّا في حين أنّه نظاما رئاسويّا لا يرتقي لمصاف الأنظمة الدّيمقراطيّة القائمة على مبدأ تفريق السّلط بل هو نظام إدماج وظيفي تخضع فيه السّلط الثلاث وكل مؤسّسات الدّولة لسيطرة الرّئيس مستعينا في ذلك بذراع سياسية تتمثّل في حزب الدّولة وذراع أمنية تتمثل في وزارة لداخلية وبوليسها السياسي وهو نظام لقيط يجمع بين كل وسائل سيطرة الرئيس والسلطة التنفيذية على الدولة من تقنيات النظام الرئاسي والبرلماني و غيرها ليتحول لتنين سياسي يبتلع الدولة.
النظام الرئاسي:
السلط ليس النظام الرئاسي بالنظام الذي يسيطر عليه الرئيس كما يبدو من التباس تسميته بل إنّ السيطرة فيه ترجع في آن واحد للسلطة التنفيذية والسلطة التّشريعية فالخاصيّة الأساسية لهذا النظام هي التوازن ومصدر هذا التوازن يتمثل في أن السلطة التنفيذية لا تتمتع بحق حل السلطة التشريعية وأن السلطة التشريعية لا تتمتع بحق لوم السلطة التنفيذية وإجبارها على الاستقالة. فالخاصية الأساسية لهذا النظام هي التوازن بين السلط وهو توازن سلبي نظرا لعدم توفر لائحة اللوم من جهة و حق الحل من جهة أخرى.
تنظيم السلط في إطار النظام الرئاسي.
التنظيم الهيكلي:
- 1 الهيكل التنفيذي: يتمثل الهيكل التنفيذي في النظام الرئاسي في رئيس السلطة التنفيذية فالرئيس هو في آن واحد رئيس الدولة ورئيس الحكومة وهو يستمد شرعيته من الشعب الذي ينتخبه مباشرة. أما بقية أعضاء الهيكل التنفيذي فهم مجرد مساعدين و مستشارين للرئيس.
- 2 الهيكل التشريعي: الهيكل التشريعي في النظام الرئاسي هيكل مستقل عن الهيكل التنفيذي ويمكن أن يكون متكونا من مجلس واحد أو مجلسين وأعضاء الهيكل التشريعي منتخبون من طرف الشعب بحيث يتمتعون مثل رئيس الهيكل التنفيذي بالمشروعية الشعبية و هذا ما يحول دون تبعيتهم لهيكل آخر
- 3 التنظيم الوظيفي: الوظيفة التنفيذية: يمارس الرئيس في النظام الرّئاسي مجموع السلطة التنفيذية وهي السلطة التي تتعلق بتنفيذ القوانين و إدارة الشؤون العامة على مستوى الداخلي والخارجي. وعلى هذا الأساس فإنّ الرّئيس هو الذي يضع السياسة العامة للدولة ويسهر على تنفيذها وهولا يتقيد في ذلك بإرادة السلطة التشريعية وهو مطالب فقط بإعلامها بمضمون هذه السياسة. هو يمارس السلطة الترتيبية ولا يتمتّع بحق المبادرة التشريعيّة وإن حصل ذلك ضاعت الغاية من هذا النظام كله.
- 4 الوظيفة التشريعية: يمارس الهيكل التشريعي كامل الوظيفة التشريعية فهو الذي يسنّ القوانين ومنها قانون الميزانية.
- 5 العلاقة بين السلط : (علاقة توازن) تدير السلطة التنفيذية السياسة الخارجية لكن المعاهدات لا تدخل حيز التنفيذ إلاّ إثر المصادقة عليها من طرف السلطة التشريعية.
النظام البرلماني:
ليس النظام البرلماني بالنظام الذي يسيطر عليه البرلمان فهو نظام توازن بين السلطتين فالسلطة التنفيذية في النظام البرلماني ليست سلطة تابعة و يتميّز هذا التوازن بأنّه توازن إيجابي يقوم من جهة على حق السلطة التنفيذية في حل البرلمان رغم أنّه منتخب مباشرة من طرف الشعب صاحب السّيادة ومن جهة أخرى على حق البرلمان في إصدار لائحة لوم ضد الحكومة وإجبارها على الاستقالة فالنظام البرلماني إذن يأخذ بمسؤولية الحكومة أمام البرلمان من ناحية وبإمكانية حل البرلمان المنتخب من ناحية أخرى.
- 1 التنظيم الهيكلي:
الهيكل التشريعي: يقوم الهيكل التشريعي في النظام البرلماني عادة على مجلسين:
-الهيكل التنفيذي : يقوم الهيكل التنفيذي على فكرة ثنائيّة السلطة التنفيذية بحيث يتكوّن من رئيس دولة من جهة ومن حكومة يرأسها رئيس وزراء من جهة أخرى. يكون رئيس الدولة في النظام البرلماني ذو سلطة محددة دستوريّا والحكومة هي التي تضع سياسة الدولة وتتحمّل جماعيّا مسؤولية فشلها.
تضطلع كتلة التحالف البرلماني الأغلبية بمسؤولية الحكم وتفقده في صورة تلاشي أغلبيّتها وفقدانها ثقة البرلمان
- 2 التنظيم الوظيفي تداخل الاختصاصات: تتمتّع السلطة التنفيذية في النظام البرلماني بحق المبادرة التشريعية , كما تتدخل السلطة التشريعية في كل ميادين النشاطات الداخلية والخارجية .
العلاقة بين السلط وسائل ضغط البرلمان على الحكومة. يتمتّع البرلمان بحق إصدار لائحة لوم ضدّ الحكومة وإجبارها على الاستقالة .بإمكان البرلمان أن يستجوب الحكومة أو عضو منها حول مسألة معيّنة في شكل تصويت وهو ما قد يؤدّي إلى سحب الثقة المفضية لاستقالة الحكومة
تتابع اللجان الدائمة و المختصة بالبرلمان نشاط الحكومة بدقة يكوّن البرلمان لجان بحث وتقصي حول نشاط الحكومة
وسائل ضغط الحكومة على البرلمان: تتمتع الحكومة بحق حل المجلس البرلماني المنتخب مباشرة من طرف الشعب و بإمكان أعضاء الحكومة اخذ الكلمة و بالبرلمان و التأثير عليه.

السبت، 12 فبراير 2011

الفكر: هجرة العقول

الفكر: هجرة العقول

هجرة العقول

كتب الدكتور خضير عباس النداوي دراسة جد مهمة تبرز خسارة العالم العربي الإسلامي بسب هجرة أبنائه إلى الدول الغربية و أمريكا  وكندا مبينا الأسباب التي تجعل الباحث و المفكر و العالم يفضل البقاء في البلد الذي درس فيه على أن يعود إلى موطنه ليفيد بخبرته و معارفه و قد بين العوامل الدافعة لهجرة العقول العربية و التي قد تكون دوافع ذاتية كما يمكن أن تكون موضوعية غير أن القول بأن عزوف العلماء لهذه الأسباب يحتاج لتأكيد ذلك إلى دراسة ميدانية موضوعية تلم بجميع الأسباب لأن الأسباب متداخلة و متشعبة و هذا النص الكامل للدراسة
      شهد العالم ومنذ أوائل القرن العشرين تطورات متسارعة في كافة مجالات الحياة العلمية والأدبية  وهكذا أصبحت النهايات مفتوحة لقنوات التطور العلمي تستوعب كل ما هو جديد ومبتكر، بل وتتطلع نحو الأفضل باستمرار، كما وتزداد شراهة  لجذب الكفاءات من العقول العلمية التي تتقدم بإمكانياتها الذهنية المتفردة على سلم التقدم المتوفر آنيا في شتى بلدان العالم. وبذلك أصبحت هجرة العقول ظاهرة عالمية جلبت انتباه الساسة والحكام ، والباحثين وصناع القرار واستطاعت بعض الدول – خاصة الدول الأوروبية في بادئ الأمر  ومن ثم الولايات المتحدة الأميركية وكندا – توظيف هذه الهجرة بما يخدم أهدافها الآنية  والمستقبلية ، مستفيدة من النبوغ الذهني المتطور لهؤلاء المهاجرين  بينما أغفلت العديد من الدول الأخرى –  لاسيما دول العالم  الثالث، ومنها الدول العربية – هذه الظاهرة، مما أدى إلى خسارتها الجسيمة لهؤلاء العلماء لا كمواطنين فحسب، بل الاستغناء عن خدماتهم وإمكانياتهم المتطورة التي باتت ضرورية ومؤكدة في ظل الحركة المتسارعة للتنمية والتي لا يمكن لأي بلد من بلدان العالم التغاضي عن أهميتها و بالذات في دول العالم العربي.
     ومما زاد من خطورة هجرة العقول أو الأدمغة العربية، كونها أصبحت من أهم العوامل المؤثرة على تطور الاقتصاد الوطني والتركيب الهيكلي للسكان والقوى البشرية في المجتمع العربي، وذلك بسبب تزايد أعداد المهاجرين من العلماء والمفكرين والاختصاصيين، وبالتالي حرمان الوطن العربي من الاستفادة من خبراتهم ومؤهلاتهم العلمية المختلفة، فضلا عن الخسائر المالية والاقتصادية التي تتحملها بلدانهم جراء استمرار هذه الظاهرة مما يتطلب دراستها و محاولة الوقوف عند أسبابها و دوافعها و تحديد مخاطرها و الاجتهاد في تقديم بعض المقترحات العملية للحد من تأثيراتها السلبية على المجتمع العربي.    
     تعني الهجرة من الناحية اللغوية، وبشكل عام: الخروج من بلد لآخر  ويسمى الشخص مهاجراَ عندما يهاجر ليعيش في ارض أخرى بفعل ظلم ظالم لا يعرف الرحمة، أو المغادرة إلى أرض ثانية  طلباً للأمن والعدل والعيش[1] أما عبارة (هجرة العقول أو الأدمغة) فقد ابتدعها البريطانيون لوصف خسارتهم  خلال السنوات الأخيرة من العلماء والمهندسين والأطباء بسبب الهجرة من بريطانيا إلى الخارج، خاصة الولايات المتحدة الأميركية إلا أن العبارة الآن أصبحت تطلق على جميع المهاجرين المدربين تدريباً عالياً  في بلدانهم الأصلية إلى بلدان أخرى[2] فيما اعتبرت منظمة اليونسكو أن ( هجرة العقول ) هي نوع شاذ من أنواع التبادل العلمي بين الدول يتسم بالتدفق في اتجاه واحد ( ناحية الدول المتقدمة ) أو ما يعرف بالنقل العكسي للتكنولوجيا، لان هجرة العقول هي فعلاً نقل مباشر لأهم عناصر الإنتاج و هو العنصر البشري[3]
     يقصد بهجرة العقول أو الكفاءات نزوح حملة الشهائد الجامعية العلمية والتقنية والفنية، كالأطباء، والعلماء  والمهندسين  والتكنولوجيين والباحثين، والممرضات الاختصاصيات، وكذلك الاختصاصيين في علوم الاقتصاد  والرياضيات والاجتماع وعلم النفس والتربية والتعليم والآداب والفنون والزراعة والكيمياء والجيولوجيا ويمكن أيضا أن يشمل هذا التحديد الفنانين والشعراء  والكتاب والمؤرخين  والسياسيين والمحامين وأصحاب المهارات والمواهب والمخترعين  وشتى الميادين الأخرى، أي أصحاب الكفاءات والمهارات الجامعية العلمية والتقنية[4]
      بدأت ظاهرة هجرة العقول العربية بشكل محدد منذ القرن التاسع عشر، وخاصة من سوريا ولبنان  والجزائر، حيث اتجهت هجرة الكفاءات العلمية السورية واللبنانية إلى فرنسا ودول أميركا اللاتينية، فيما اتجهت الهجرة من الجزائر إلى فرنسا. وفي بداية القرن العشرين ازدادت هذه الهجرة لاسيما خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية وفي السنوات الخمسين الأخيرة هاجر من الوطن العربي ما بين 25و50 % من حجم الكفاءات العربية. لذا فإن ظاهرة هجرة العقول  أصبحت من أهم العوامل المؤثرة على الاقتصاد العربي وعلى التركيب الهيكلي للسكان والقوى البشرية، واكتسبت هذه الظاهرة أهمية متزايدة عقب مضاعفة أعداد المهاجرين وخاصة من الكوادر العلمية المتخصصة، وانعكاسات ذلك على خطط التنمية العلمية و الاقتصادية و الاجتماعية في الوطن العربي. ولإدراك جانباً من أبعاد هذه الظاهرة  وتلمس بعضاً من تأثيراتها على واقع الدول العربية ومستقبل عملية التنمية فيها لابد من إيراد بعض من المعطيات الإحصائية المتاحة عنها طبقاً لإحصاءات جامعة الدول العربية، ومنظمة العمل العربية  ومنظمة اليونسكو، وبعض المنظمات العربية والدولية المهتمة بهذه الظاهرة و نبين ذلك كما يأتي:
- 1 يهاجر حوالي مائة ألف من أرباب المهن وعلى  رأسهم، العلماء، والمهندسين والأطباء والخبراء كل عام من ثمانية أقطار عربية هي لبنان، سوريا، العراق، الأردن، مصر، تونس  المغرب والجزائر. كما أن 70% من العلماء الذين يسافرون للدول الرأسمالية للتخصص لا يعودون إلى بلدانهم
- 2 منذ عام 1977 ولحد الآن هاجر أكثر من سبعمائة وخمسون ألف عالم عربي للولايات المتحدة الأمريكية.
- 3 إن 50% من الأطباء، و23% من المهندسين، و15% من العلماء من مجموع الكفاءات العربية يهاجرون إلى أرويا و الولايات المتحدة الأمريكية و كندا.
- 4 يساهم الوطن العربي في ثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية خاصة وأن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم.
- 5 يشكل الأطباء العرب العاملون في بريطانيا نحو34% من مجموع الأطباء العاملين فيها .
- 6 تجتذب ثلاث دول غربية غنية هي : الولايات المتحدة الأميركية  وبريطانيا وكندا نحو 75% من العقول العربية المهاجرة[5]
          ثالثا: العوامل الدافعة لهجرة العقول العربية.
      بهدف معرفة أسباب هذه الظاهرة، وتحليل الدوافع الأساسية للعناصر المهاجرة من العلماء العرب بصورة علمية وموضوعية تبرز الحاجة إلى وجود ( دراسة ميدانية ) تعتمد الأسلوب العلمي المبرمج لدراسة هذه الظاهرة الخطيرة ، ولصعوبة القيام بمثل هذه الدراسة ، لأسباب موضوعية وذاتية ، متداخلة ومتشعبة ، منها ما يتعلق بالمهاجرين أنفسهم ومنها ما يرتبط بالدول التي استقروا فيها. إلا أن هذا المبرر، لا يعني كواقع حال، عدم معرفة الأسباب التي تدفع العلماء إلى الهجرة، حيث يمكن تحديد أهم هذه الدوافع كالأتي:
- 1 ضعف المردود المادي لأصحاب الكفاءات العلمية ، وانخفاض المستوى المعاشي لهم وعدم توفير الظروف المادية والاجتماعية التي تؤمن المستوى المناسب لهم للعيش في المجتمعات العربية.
- 2 وجود بعض القوانين والتشريعات والتعهدات و الكفالات المالية التي تربك أصحاب الخبرات ، فضلا عن البيروقراطية والفساد الإداري وتضييق الحريات على العقول العلمية المبدعة، والتي تبدأ من دخولهم البوابات الحدودية لدولهم وصولا لأصغر موظف استعلامات في الدوائر الرسمية، مما يولد لديهم ما يسمى بالشعور بالغبن.
- 3  عدم الاستقرار السياسي أو الاجتماعي والإشكاليات التي تعتري بعض تجارب الديمقراطية العربية ، والتي تؤدي في بعض الأحيان إلى شعور بعض أصحاب الخبرات بالغربة في أوطانهم ، أو تضطرهم إلى الهجرة سعياً وراء ظروف أكثر حرية وأكثر استقرارا.ً
- 4 سفر أعداد من الطلاب إلى الخارج، أما لأنهم موهوبون، بشكل غير اعتيادي ويمكنهم الحصول على منح دراسية أو لأنهم من عائلات غنية، والنتيجة يندفعون إلى التوافق مع أسلوب الحياة الأجنبية وطرقها حتى يستقروا في الدول التي درسوا فيها[6] إذ أن فرصة ( السفر ) هذه وفرت لهؤلاء الطلاب الإطلاع على تجارب المجتمعات الأخرى والتأثر بما موجود فيها من وسائل العيش، إضافة إلى توفر الجو العلمي المناسب بالمقارنة بين الحالة الموجودة في الدول العربية وبين ما موجود في الدول المتقدمة.
- 5 إن تكيف كثير من طالبي العلم مع الحياة في الدول الأجنبية، ومن ثم زواجهم من الأجنبيات، وبالتالي إنجابهم للأولاد، مما يضع المهاجر أمام الأمر الواقع فيما بعد، إذ يصعب عليه ترك زوجته وأولاده لاعتبارات عديدة منها  أن زوجته وأولاده قد لا يستطيعون العيش في بلده الأصلي، وهم غير مستعدين لمصاحبته، كما أن كثيرا من التشريعات التي تضع إمامه العراقيل في حالة رغبته العودة إلى البلد الأصلي  وعلى  سبيل المثال، عدم تعيين المواطنين المتزوجين بأجنبيات بمناصب عالية في بعض الدول العربية. وقد لا يستطيع توفير امتيازات لعائلته كتلك التي كانت متوفرة لديه سابقاً، ومع تقادم الأيام تنتهي لدى المهاجر فكرة العودة إلى الوطن الأصلي[7]
- 6 ويرى بعض الباحثين، بان من الأسباب الرئيسية، في بعض الدول العربية لهجرة العقول العربية، هو حالة الركود في تطور القوى المنتجة والذي وجد تعبيرا له في بقاء وسائل الإنتاج في الصناعة والزراعة وصيد الأسماك والرعي وغيرها دون تغيير، وحرمان سكان المجتمع من أبسط الخدمات الإنسانية، كتوفير مياه الشرب والكهرباء والرعاية الصحية[8] وبرزت هذه الحالة في الدول العربية الفقيرة (الغير النفطية) بصورة خاصة.
- 7 يعاني بعض العلماء من انعدام وجود اختصاص حسب مؤهلاتهم كعلماء الذرة وصناعات الصواريخ والفضاء ، ناهيك عن مشاكل عدم تقدير العلم والعلماء في بعض الدول وما أصدق  قول رو برت مكنمار مدير البنك الدولي السابق، والذي قال في هذا الصدد ( إن العقول تشبه القلوب بصفة عامة في أنها تذهب إلى حيث تلقى التقدير ) وكذلك العقبات الناتجة من عدم ثقة بعض الدول العربية، لما يحملون من أفكار جديدة، وتخلف النظم التربوية والبطالة العلمية التي يواجهونه، ومشاكل عدم معادلة الشهادات[9]
- 8 صعوبة أو انعدام القدرة على استيعاب أصحاب الكفاءات الذين يجدون أنفسهم أما عاطلين عن العمل أو لا يجدون عملا يناسب اختصاصاتهم العلمية في بلدانهم وعدم توفير التسهيلات المناسبة وعدم وجود المناخ الملائم لإمكانية البحث العلمي. ولعله من الطريف بمكان أن نذكر في هذا المجال نادرة قديمة خلاصتها : إن فيلسوفاً اقترف ذنباً، فعلم به سليمان الحكيم بذلك فطلبه للمحاكمة، وبعد نقاش، لفظ حكمه قائلاً ( سنحكم عليك حكماً أقوى من الموت )  فاطرق الفيلسوف متملكه العجب وسأل ما هو ؟؟ فأجاب الحكيم ( حكمنا عليك أن تقيم بين قوم يجهلون قدرك)[10]
      تشكل هذه الدوافع، غالبية الأسباب التي تؤدي إلى هجرة العقول  العربية، ولا نستبعد وجود دوافع أخرى، كحب المغامرة، والعقد الشخصية، أو غيرها  إلا أنها لا تأخذ صفة الشمولية  وهي في كل الحالات دوافع فردية، ولا تحتل الأهمية بحيث تضاف كدوافع إلى مجمل الدوافع السابقة للهجرة .
          رابعا: العوامل الجاذبة لهجرة العقول العربية
- 1 رغم وقوف الدول الغربية ضد هجرة مواطني الدول النامية إليها إلا إنها تتبنى سياسات مخططة ومدروسة بدقة لاجتذاب أصحاب الكفاءات والمهارات الخاصة من هذه الدول، وعلى سبيل المثال، أصدر الكونغرس  الأميركي قراراً بزيادة تصريحات الحصول على بطاقة الإقامة للخريجين الأجانب في مجالات التكنولوجيا المتطورة من (90 ) ألفا في السنة إلى ( 150 ) ألف ثم إلى ( 210 ) ألف خلال العام الماضي[11]
- 2 تهيئ الدول الرأسمالية المتقدمة المحيط العلمي الأكثر تقدماً والذي يحفز على مواصلة البحث والتطوير وزيادة الخبرات حيث أن ظروف العمل في البلدان المتقدمة وسيلة لتحقيق الطموحات العلمية بما توفره من فرص للبحث العلمي و وسائله المختلفة.
- 3 توفير الثروات المادية الضخمة التي تمكنها من تمويل فرص عمل هامة ومجزية مادياً وتشكل إغراء قويا للعقول العربية بما توفره من مستوى معاشي ممتاز وضمانات اجتماعية وخدماتها العديدة، فضلا عن توفر كل وسائل الاستهلاك و الرفاه المادي و تسهيلاته[12]
- 4 انخفاض نسبة العقول العلمية في الدول المتقدمة صناعياً بسبب انخفاض نسب الولادة وعدد المتخصصين في الفروع العلمية والتقنية مما يجعلها تبحث عن عقول وكفاءات أجنبية وتقدم لها الإغراءات المادية لملء هذا الفراغ، وبخاصة في السنوات الأخيرة، حيث وصلت غالبية الدول المتقدمة إلى مستوى دون النمو السكاني الصفري بينما يسير هذا المعدل في دول العالم الثالث، ومنها الدول العربية في الاتجاه المعاكس[13]
          خامسا: مخاطر هجرة العقول العربية:  
من البديهيات المعروفة، بان العناصر السكانية، أي عدد السكان وتلاحمهم القومي ومستواهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والصحي  إلى جانب عدة عناصر أخرى كالعناصر الطبيعية والاقتصادية  تشكل عناصر قوة للدولة[14] ورغم مصداقية هذه البديهية، إلا أن واقع الحال، وكما ثبت بتجارب العالم، بأن هناك دور بارز ومؤثر لمدى التطور العلمي والتقني الذي وصله أي شعب، على قوة الدولة و بالتالي على دورها الإقليمي والدولي.
      صحيح أن التطور العلمي والتقني هو عملية دينامية  تعتمد في المقام الأول على الموارد المخصصة لها والأشخاص المتوفرين للعمل فيها والأساس التعليمي الذي يدعمها ، وأخيرا وليس أخرا التجديد[15] ولكن في الدول العربية ،  ورغم توفير الرأسمال النفطي لبعضها والذي لا يمكن لوحده أن يفعل شيئاً عجائبياً وإن أي فهم جاد لمتطلبات النمو الحضاري العربي المتكامل مع تاريخ الحضارة العربية نفسها يرجع إلى استيعاب ( دور العقل العربي) في صياغة الواقع المعاصر للحياة العربية  فمنذ عدة عصور تراجع العقل العربي وتسارعت الدورات الاقتصادية  لا على صعيد الإنتاج الصناعي و الزراعي والعلاقات العشائرية فحسب بل على صعيد التعامل مع العقل. ولدرجة إن الأرقام المتوفرة عن إعداد المهاجرين من العلماء العرب إلى الغرب، تشير طبقا لإحصاء أجرته منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة بان (حوالي100,000) من أرباب المهن وعلى رأسهم العلماء والمهندسين والأطباء والخبراء والطلاب يهاجرون من ثمانية أقطار عربية هي: لبنان ، سوريا، الأردن،  العراق ، مصر، تونس، المغرب، والجزائر  كما أن 70% من العلماء الذين يسافرون إلى الدول الغربية للتخصص لا يعودون إلى دولهم[16]  لذا فان المخاطر المترتبة على هجرة العقول العربية، ذات تأثيرات مركبة، كونها خسارة فادحة في ميادين عديدة أهمها:
- 1 تمثل هجرة العقول العربية استنزافاً لشريحة مؤثرة وفاعلة في المجتمع العربي، ولها دور بارز وبالذات في المرحلة الحالية حيث شرعت اغلب البلدان العربية، وبخاصة النفطية منها بتنفيذ خطط تنموية واسعة النطاق وهي بل شك بأمس الحاجة إلى الكفاءات العلمية والأيدي العاملة المدربة القادرة على النهوض بالأعباء الملقاة على عاتقها إلى مستوى الطموح.
- 2 تعتبر هجرة العقول العربية، خسارة في مجال التعليم في جميع مراحله  فمن المعلوم أن البلاد العربية تعد من أكثر المناطق في العالم (أمية).إذ يبلغ معدل الأمية في الوطن العربي حالياً نحو 49% ولا يزال هذا المعدل هو (الأعلى ) في العالم مقارنة بمعدل 30% في الدول النامية و1,4% في الدول المتقدمة ، ويعني المعدل الحالي وجود أكثر من ( 70) مليون أمي في الوطن العربي[17] ويشكل هذا الرقم أحد المعوقات الرئيسية أمام التنمية العربية في عصر تمثل فيه الكفاءات العلمية والتقنية والمعرفة المصدر الرئيسي للميزة النسبية و أساس التفوق و التنافس بين الأمم.
- 3 ومن المخاطر البالغة الأثر لهجرة العقول العربية ، تلك الخسائر المتأتية في هدر الأموال الطائلة على الطلبة الذين نالوا هذه الكفاءات المتقدمة، حيث تتحمل دولهم، سواء أكان الطالب يدرس على حسابه الخاص أم على حساب حكومته، فان راس المال المصروف يمثل خسارة للاقتصاد الوطني، ومما لا يقبل الجدل  أن قيمة العلماء والاختصاصيين تتجاوز كل حساب بالعملة، ولكن إذا ما تم حساب الخسارة بالدولار، فإن تعليم وتدريب العالم الواحد قدر بحدوده الدنيا بنحو ( 20,000) ألف دولار أميركي طبقاً لسعر أساس اتخذ عام 1972[18] ولو تم إضافة فروقات الأسعار الحاصلة في الأسواق العالمية للسنوات التالية لسنة سعر الأساس فربما تصبح التكلفة مضاعفة هذا الرقم لعدة مرات وعموماُ، قدرت دراسة حديثة الخسائر المادية العربية بسبب استمرار ظاهرة هجرة العقول العربية بنحو ( 1,57 )مليار دولار سنوياً[19] والاهم من ذلك جسامة الخسارة المتأتية عن فقدان الدور الخلاق المباشر في رفع المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و الصحي في الوطن العربي من خلال إنتاجهم العلمية.
- 4  كما تؤدي هجرة العقول العربية إلى توسيع الهوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة ، لأن هجرة          الأدمغة إلى الدول المتقدمة تعطي هذه الدول فوائد كبيرة ذات مردود اقتصادي مباشر بينما تشكل بالمقابل خسارة صافية للبلدان التي نزح منها أولئك العلماء ، خاصة وإن التكنولوجيات والاختراعات المتطورة التي أبدعها أو أسهم في إبداعها أولئك العلماء المهاجرين تعتبر ملكا خاصا للدول  الجاذبة لهم[20]  وحرمان دولهم من الاستفادة من إبداعاتهم الفكرية و العلمية في مختلف المجالات.
- 5 تكرس هذه الظاهرة التبعية للبلدان المتقدمة وتأهيلها في اتجاهات خطط التنمية غير المدروسة، وتبرز مظاهر التبعية في هذا المجال بالاعتماد على التكنولوجيا المستوردة، والتبعية الثقافية والاندماج في سياسات تعليمية غير متوافقة مع خطط التنمية من خلال تفضيل (الكم) على (النوع) في هذا الميدان[21] ما يتسبب في اتساع المسافة بين مستويات تطور المجتمعات العربية بالمقارنة مع مجتمعات الدول المتقدمة.
- 6 كما تمثل هجرة العقول العربية ، اقتطاعا من حجم القوة العاملة الماهرة المتوفرة في الوطن العربي ، مما يؤدي إلى خسارته لقسما مهما من القوى المنتجة في مختلف الميادين ، وبالتالي زيادة التوتر في سوق القوى العاملة العالية المستوى، والذي يؤدي بدوره إلى التأثير على مستوى الأجور، فضلا عن اضطرار الدولة إلى استيراد الخبرات العلمية الأجنبية لتلافي النقص الحاصل جراء هجرة الكفاءات لديها.
          سادسا: الخاتمة و المقترحات.
       إن هذه المشكلة، أصبحت ظاهرة عامه، على مستوى الوطن العربي، ومعالجتها تحتاج إلى وقفة جادة  موضوعية وأفق شمولي يتلمس تعقيدات الواقع العربي، ويستهدف الإحاطة بكل تناقضاتها، ومن ثم وضع الحلول الناجحة المتعلقة بهذه الظاهرة كونها تعكس خطراً متواصل التأثير، وهو مرشح في ظل تأثيرات العولمة نحو التزايد. وعلى أهمية تحديد الدوافع المختلفة لهذه الظاهرة سواء أكانت السياسية أم الاقتصادية أم الاجتماعية أم الفكرية وغيرها، ألا أن العوامل الاقتصادية كانت ولا تزال، تحتل الأولوية في التأثير المباشر على العقول والكفاءات العربية، ولاسيما وأن الأشخاص الأكثر تأثرا بهذا العامل هم الأشخاص الأفضل إعداداً والأكثر كفاءة لتسيير أجهزة الإنتاج والتعليم والتدريس في الوطن العربي. مما يتطلب ايجاد سبل علمية لصيغ التعامل الإنساني والحضاري مع الكفاءات العلمية وبحرص  وطني، فضلاً عن محاولة وضع إستراتيجية عمل عربية تشارك فيها الحكومات العربية كافة ومؤسسات العمل العربي المشترك وتستهدف، على أقل تقدير، تقليل هجرة العقول العربية وإزالة قسماً من العقبات التي تواجهها ومن ثم معالجة المشاكل التي تعترض مسيرتها العلمية، عبر إجراءات عملية عديدة في مقدمتها:
- 1 اجراء مسح شامل لإعداد الكفاءات العربية المهاجرة بهدف التعرف على حجمها ومواقعها وميادين اختصاصها و ارتباطها و ظروف عملها.
- 2 صياغة سياسية عربية مركزية للقوى العاملة على أساس تكامل القوى العاملة العربية بحيث تمكن الدول العربية التي تواجه اختناقات في مجال القوى العاملة من التخلص من مواقعها، وتتيح للبلدان العربية الأخرى التي تواجه عجزا في هذا الميدان من سد العجز لديها.
- 3 وضع البرامج الوطنية لمواجهه هجرة العقول وإنشاء مراكز للبحوث التنموية والعلمية والتعاون مع الهيئات الدولية والإقليمية المعنية لإصدار الوثائق والأنظمة التي تنظم أوضاع المهاجرين من العلماء أصحاب الكفاءات.
- 4 حث الحكومات العربية على تكوين الجمعيات والروابط لاستيعاب أصحاب الكفاءات المهاجرة من بلدانهم وإزالة جميع العوائق التي تعيق ربطهم بأوطانهم ، ومنحهم الحوافز المادية وتسهيل إجراءات عودتهم إلى أوطانهم للمشاركة في عملية التنمية و التحديث.
- 5 الاستمرار بتنظيم مؤتمرات للمغتربين العرب، وطلب مساعداتهم والاستفادة من خبراتهم سواء في نقل التكنولوجيا أو المشاركة في تنفيذ المشروعات.
- 6 التعاون مع منظمة اليونسكو لإقامة مشروعات ومراكز علمية في البلدان العربية لاجتذاب العقول العربية المهاجرة للإشراف على هذه المراكز والإسهام المباشر في أعمالها وأنشطتها[22]
- 7 احترام الحريات الأكاديمية وصيانتها وعدم تسييس التعليم أو عسكرته  وهذا الموضوع له صله وطيدة باحترام حقوق الإنسان وخضوع الدولة والأفراد للقانون، وذلك بإعطاء أعضاء الهيئات الأكاديمية والعلمية حرية الوصول إلى مختلف علوم المعرفة والتطورات العلمية وتبادل المعلومات والأفكار والدراسات والبحوث والنتاج والتأليف والمحاضرات وفي استعمال مختلف وسائل التطور الحديثة ودون تعقيد أو حواجز وصولا لخير المجتمع الإنساني[23]
- 8 احترام الحريات الأكاديمية وصيانتها وعدم تسييس التعليم أو عسكرته  وهذا الموضوع له صله وطيدة باحترام حقوق الإنسان وخضوع الدولة والأفراد للقانون ، وذلك بإعطاء أعضاء الهيئات الأكاديمية والعلمية حرية الوصول إلى مختلف علوم المعرفة والتطورات العلمية وتبادل المعلومات والأفكار والدراسات والبحوث والنتاج والتأليف والمحاضرات وفي استعمال مختلف وسائل التطور الحديثة دون تهميش.
      في ضوء ما تقدم ، فان معضلة هجرة العقول العربية ، أضحت مشكلة مزمنة يعاني منها الوطن العربي لاسيما وأن ( المعرفة العلمية ) في دول العالم المتقدم اعتبرت كثروة وقوة ، وحددت أطر التعامل معها بقوانين شاملة في الإدارة والمالية وخضعت لإجراءات صارمة لحقوق الملكية[24] وتضيف هذه الإشكالية عبئاً جديداً لتداعيات وتأثيرات استمرار هجرة العقول العربية ، مما يتطلب من جهات صنع القرار العلمي والسياسي والاقتصادي في الوطن العربي أن تعمل ما بوسعها لتقليل تأثير هذه الظاهرة أخذين في الاعتبار أن هذه المعضلة مستمرة ويصعب إيقافها بقرار سياسي، ولكن قد يتم تقليل تأثيراتها بشكل تدريجي بتظافر جهود المؤسسات العلمية العربية سواءً أكان ذلك في المدى المنظور أم على الصعيد الاستراتيجي.
خضير عباس النداوي


د. منذر الفضل: إهدار الحريات الأكاديمية وهجرة العقول العربية، شبكة الإنترنت، موقع خليجية 2/6/2002،  [1]
 د. الياس زين: هجرة الأدمغة العربية المؤسسة العربية للدراسات و النشر بيروت 1972 ص 13[2]
 الاتحاد البرلماني العربي السنة22 العدد 1982 ديسمبر 2001[3]  
 د.الياس رزق المصدر السابق ص 13[4]
 الاتحاد البرلماني العربي مصدر سابق[5]
 فاطمة الزهراء فريجة: عوامل هجرة الكفاءات بالجزائر من بحوث ندوة هجرة الكفاءات العربية التي نظمتها الأكوا  [7]
 محمد جعفر زين المصدر السابق[8]
 المصدر السابق ص 96[9]
 المصدر السابق106[10]
 شبكة الأنترنت مجلة البلاغ[11]
 مجلة الاتحاد البرلماني العربي ص2[12]
 ليسترو ثرو مستقبل الرأسمالية  ترجمة فالح عبد القادر حلمي بيت الحكمة [13]
صباح محمود محمد: الأمن القومي العربي طبع مؤسسة دار الكتاب للطباعة و النشر بغداد 1980 ص 85 [14]
 زبينغو بريجنسكي: المصدر السابق ص 43[15]
 د.الياس زين مصدر سابق ص 7 [16]
التقرير الاقتصادي العربي الموحد. سبتمبر 2000 ص27
 الياس زين المصدر السابق ص7[18]
صحيفة البيان الإماراتية 10 أفريل 2002  [19]
 مجلة اتحاد البرلمانيين العرب ص3[20]
 محمد رياض الهجرة العلمية و استنزاف الكفاءات مجلة  النبأ عبر شبكة الانترنت في 9/3/1423هـ[21]
 مجلة اتحاد البرلمانيين العرب ص 4 [22]
 المصدر السابق ص 10[23]
 أنطوان زحلان: الطبيعة الشاملة للتحدي التقني مجلة العربي 1 جانفي 2001  ص57[24]