الاثنين، 11 مايو 2020

القيم الحضارية في غزوة بدر

كثيرة هي تلك القيم الحضارية التي ظهرت في غزوة بدر كأحداث رئيسية في هذه المعركة.. تلك المعركة التي لم تكن في حسبان جيش المسلمين الذين خرجوا لمطاردة صفقة تجارية لقريش قادمة من الشام يقودها أبو سفيان بن حرب، كمحاولة جديدة لاسترداد بعض أموال المسلمين التي صادرتها قريش، ولكن قضى الله أمرًا غير الذي أراده المسلمون، فقد استطاع أبو سفيان أن يفلت بالقافلة، بعدما أرسل إلى مكة من يخبر قريشًا بالخبر غير الذي أراده المسلمون، فغضب المشركون في مكة، فتجهزوا سراعًا، وخرجوا في ألف مقاتل.. أما أبو سفيان فقد أرسل إلى قيادات مكة مَن يخبرهم بأن القافلة قد نجت، وأنه لا داعي للقتال، وحينئذٍ رفض أبو جهل إلا المواجهة العسكرية.

     وفيما يلي نقف -سريعًا- على بعض القيّم الحضارية المستفادة من غزوة بدر:

لا نستعين بمشرك على مشرك: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، أدركه خبيب بن إساف، وكان ذا بأس ونجدة ولم يكن أسلم، ولكنه خرج منجدًا لقومه من الخزرج طالبًا للغنيمة، وكانت تُذكر منه جرأة وشجاعة، ففرح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فلما أدركه قال: جئت لأتبعك وأصيب معك. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "أتؤمن بالله ورسوله ؟" قال: لا. قال: "فارجع، فلن نستعين بمشرك". فلم يزل خبيب يلح على النبي، والنبي يرفض، حتى أسلم خبيب، فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، وَقَالَ: "انطلق"[1].

     وعلى النقيض من هذا الموقف، جاء أبو قَيْسُ بْنُ مُحَرّثٍ، يطلب القتّال مع المسلمين، وقد كان مشركًا، فلما رفض الإسلام، رده رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَعَ الرجل إلى المدينة، وأسلم بعد ذلك[2]. نرى القائد الإسلامي في هذا الموقف، يرفض أشد الرفض أن يستعين بمشّرك على قتّال مشّرك، وأقلّ ما نُعَنون به هذا الموقف الحضاري المتكرّر في السيّرة الغراء، هو عنوان الحرب الشريفة النظيفة، التي تكون من أجل العقائد والمثل، لا من أجل القهر والظفر بالمغانم.. ففي هذا الموقف دلالة على أنّ الحرب في الإسلام لا تكون إلاّ من أجل العقيدة، فلا يصح إذن -إذا كنا نقاتل من أجل العقيدة- أنّ نستعين بأعداء هذه العقيدة في الحرب. وتخيَّل معي شعور الجيش المشّرك، عندما تأتيه أنباء رفض القائد الإسلامي الاستعانة عليهم بغير المسلمين.

     بيد أن الحروب الجاهليّة في الماضي والحاضر يستعيّن فيها الخصم على خصمه بشتى الملل والنحل، الصالحة والطالحة، المهم أن يظّفر الخصم بخصمه، فينهب ويسلب ويغدر. دون الالتفات إلى قيم أو مُثُل.

     أما القيادة الإسلاميّة الكريمة فترسخ هذا الأصل الأصيّل في أخلاقيّات الحروب، بحيث تُظهر عقيدتها السَّمْحة، وتستميل نفوس الجنود الذين جاءوا لحرب المسلمين، ناهيك عن البعد الإعلامي الذي يسحب القائد الإسلامي بساطه من تحت خصمه، الذي جاء بطرًا ورياء النّاس، فيظهر الخصم المشرك أمام الرأي العام العالمي والإقليمي بمظهر المتعجرف. أمّا الجيش الإسلامي فيظهر بمظهر جيش الخير، الذي يحترم العقيدة إلى الدرجة التي يرفض فيها أن يستعين في قتاله بمن يخالف عقيدته.

     مشاركة القائد جنوده في الصعاب: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "كنا يوم بدر، كل ثلاثة على بعير، فكان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكان إذا جاءت عُقْبَة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا: نحن نمشي عنك. فقال: "ما أنتما بأقوى مني، وما أنا بأغنى عن الأجر منكما"[3].

     فالقائد الصالح هو من يشارك جنوده الصعاب، ويحفزهم على القليل والكثير من الصالحات، ليكون قدوة طيبة أخلاقية لجنوده في المنشط والمكره، وليس القائد بالذي يتخلف عن جيشه رهبًا من الموقف، أو يتلذذ بصنوف النعيم الدنيوي وجنده يكابد الحر والقرّ.

     الشورى: ففي وداي ذَفِرَانَ بلغ النبي نجاة القافلة، وتأكد من حتمية المواجهة العسكرية مع العدو. فاستشار النّاس ووضعهم أمام الوضع الراهن، إما ملاقاة العدو، وإما الهروب إلى المدينة.. فقال لجنوده: "أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيّهَا النّاسُ"، وما زال يكرّرها عليهم، فيقوم الواحد تلو الآخر ويدلو بدلوه، فقام أبو بكر فقال وأحسن. ثم قام عمر فقال وأحسن. ثم قام الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو فقال وأحسن.. حتى قام القيادي الأنصاري البارز سعد بن معاذ، فحسم نتيجة الشورى لصالح الحل العسكري.

     فهذا هو المجتمع الإسلامي، الذي يعتبر الشورى ركنًا من أركانه، وأصلاً في بنيانه. في أيام كانت أوربا تحت حكم وراثي كنسيّ مستبد، يقيد الجنود بالسلاسل في المعارك حتى لا يفروا. لا قيمة عندهم لرأي، ولا وزن -في تصوراتهم- لفكر.

     النهي عن استجلاب المعلومات بالعنف: وهذا مظهر آخر من المظاهر الحضارية في السيرة، فقد حذر رسولنا صلى الله عليه وسلم من انتزاع المعلومات بالقوة من النّاس، ففي ليلة معركة بدر بَعَثَ النبي صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالب فِي مفرزة إلى ماء بدر في مهمة استخباراتية لجمع المعلومات، فوجدوا غلامين يستقيان للمشركين، فأَتَوْا بِهِمَا فَسَأَلُوهُمَا، وَرَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فقالا: نَحْنُ سُقَاةُ قُرَيْشٍ. فطفق الصحابة يضربوهما، حتى اضطر الغلامان لتغيير أقوالهما. فلما أتم رسول الله صلاته، قال لهما مستنكرًا: "والذي نفسي بيده، إنكم لتضربونهما إذا صدقا وتتركونهما إذا كذبا.. إذا صَدَقَاكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمَا وَإِذَا كَذَبَاكُمْ تَرَكْتُمُوهُمَا، صَدَقَا وَاَللَّهِ إنّهُمَا لِقُرَيْشِ"[4].

     هكذا كانت معاملة القيادة الإسلامية لمن وقع في قبضة المخابرات الإسلامية للاستجواب، فنهى القائد عن تعذيب المستجوَب، أو انتزاع المعلومات منه بالقوة، فسَبَقَ اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949م التي تحظر إجبار الأسير على الإدلاء بمعلومات سوى معلومات تتيح التعرف عليه مثل اسمه وتاريخ ميلاده ورتبته العسكرية، وجرَّم رسول الله كل أعمال التعذيب أو الإيذاء أو الضغط النفسي والجسدي التي تمارس على الأسير ليفصح عن معلومات حربية.

     وثمة تقدم إسلامي على هذه الاتفاقات الأخيرة، فرسول الله قد طبق هذه التعاليم التي تحترم حقوق الأسير، بيد أن دول الغرب في العصر الحديث لم تُعِرْ اهتمامًا لهذه الاتفاقات ولم تحترمها، والدليل على ذلك ما يفعله الجنود الأمريكيون في الشعب العراقي والأفغاني.. وما يفعله الصهاينة في الشعب الفلسطيني.

     احترام آراء الجنود: لما تحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موقع المعركة، نزل بالجيش عند أدنى بئر من آبار بدر من الجيش الإسلامي، وهنا قام الْحُبَاب بن الْمُنْذِرِ، وأشار على النبي بموقع آخر أفضل من هذا الموقع، وهو عند أقرب ماء من العدو، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم -مشجعًا-: "لَقَدْ أَشَرْت بِالرّأْيِ"[5]. وبادر النبي بتنفيذ ما أشار به الحباب، ولم يستبد برأيه برغم أنه القائد الأعلى، وعليه ينزل الوحي من السماء، إن هذه المواقف لتبين كيف تكون العلاقة بين القائد وجنوده، إنها علاقة تحترم الآراء الناضجة وتشجع الأفكار الصاعدة.

     العدل بين القائد والجندي: قلما نرى في تاريخ الحروب صورة تعبر عن العدل بين القادة والجنود، فالتاريخ الإنساني حافل بصور استبداد القادة العسكريين وظلمهم للجنود.. أمّا محمد صلى الله عليه وسلم فنراه في أرض المعركة يقف أمام جندي من جنوده لَيَقتص الجندي منه.. أما الجندي فهو سَوَاد بن غَزِيّة، لما اسْتَنْتِل من الصف، غمزه النبي غمزة خفيفة في بَطْنِهِ -بالسهم الذي لا نصل له- وقال: "استوِ يا سواد". قال: يا رسول الله، أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل، فَأَقِدْنِي. فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ بَطْنِهِ، وَقَالَ: "اسْتَقِدْ،" فَاعْتَنَقَهُ فَقَبَّلَ بَطْنَهُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا حَمَلَك عَلَى هَذَا يَا سواد؟" قال: "حضر ما ترى، فَأَرَدْتُ أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك" فدعا له رسول الله بخير[6].

     الحوار قبل الصدام: أراد النبي أن يستنفد كل وسائل الصلح والسلام قبل أن يخوض المعركة، فما أُرسل إلا رحمة للعالمين، فأراد أن يبادر بمبادرة للسلام ليرجع الجيشان إلى ديارهما، فتُحقن الدماء، أو ليقيم الحجة على المشركين، فلما نَزَلَ الجيش الوثني أرض بدر أَرْسَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ إلى قُرَيْشٍ، وقد كان سفيرهم في الجاهليّة، فنصحهم عمر بالرجوع إلى ديارهم حقنًا للدماء.. فتلقفها حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ أحد عقلاء المشركين، فقال: "قد عَرَضَ نصْفًا، فَاقْبَلُوهُ، والله لا تُنْصَرُونَ عليه بعد ما عرض من النّصْفِ". فقال أبو جهل: "والله لا نرجع بعد أن أمكننا الله منهم"[7].  فانظر حرص الرسول على حقن الدماء وحرص أبي جهل على سفك الدماء، وانظر إلى هذه القيمة الحضارية التي يسجلها نبي الرحمة في هذه المعركة: الحوار قبل الصدام.

     الوفاء مع المشركين: فقد قال النَّبِي في أُسَارَى بدر: "لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ"[8]. وذلك لأن المطعم قد أدخل النبي صلى الله عليه وسلم في جواره فور رجوعه من الطائف إلى مكة، وفي الوقت الذي تخلى فيه الناس عن حماية النبي خوفًا من بطش أبي جهل، قال المطعم: "يا معشر قريش، إني قد أجرت محمدًا فلا يهجه أحد منكم"، وقد حفظ النبي صلى الله عليه وسلم للمطعم هذا الصنيع وهذه الشهامة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم أيضًا: "مَنْ لَقِيَ أَبَا الْبَخْتَرِيّ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ فَلا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ الْعَبّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، فَلا يَقْتُلْهُ، فَإِنّهُ إنما أُخْرِجَ مُسْتَكْرَهًا"[9].

     وقد كان العباس في مكة بمنزلة قلم المخابرات للدولة الإسلاميّة، وقد كان مسلمًا يكتم إيمانه. أما أبو الْبَخْتَرِي فقد كان أكف المشركين عن المسلمين، بل ساند المسلمين في محنتهم أيام اعتقالهم في الشِّعب، وكان ممن سعى في نقض صحيفة المقاطعة الظالمة، ومن ثَمَّ كانت له يدٌ على المسلمين، فأرد النبي يوم بدر أن يكرمه. فالقيادة الإسلامية تحفظ الجميل لأصحاب الشهامة، وإن كانوا من فسطاط المشركين.

     حفظ العهود: قال حذيفة بن اليمان: "ما منعنا أن نشهد بدرًا إلا أني وأبي أقبلنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذنا كفار قريش فقالوا: "إنكم تريدون محمدًا. فقلنا: "ما نريده إنما نريد المدينة". فأخذوا علينا عهد الله وميثاقه لتصيرن إلى المدينة ولا تقاتلوا مع محمد صلى الله عليه وسلم فلمّا جاوزناهم أتيّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا له ما قالوا وما قلنا لهم فيما ترى؟ قال: "نستعين الله عليهم ونفي بعهدهم"[10].

     وهذا الموقف من رسول الله يعدُّ من مفاخر أخلاقيّات الحروب في تاريخ الإنسانيّة، فلم ير المؤرخون في تاريخ الحروب قاطبة موقفًا يُنَاظر هذا الموقف الباهر، ذلك الموقف الذي نرى فيه القيادة الإسلامية تحترم العهود والعقود لأقصى درجة، حتى العهود التي أخذها المشركون على ضعفاء المسلمين أيام الاضطهاد، برغم ما يعلو هذه العقود من شبه الإكراه.

     إكرام الأسرى: بعدما أكرم الله الجيش الإسلامي بالنصر، واستوثق المسلمون من الأسرى، فرَّقهم النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وقال: "استوصوا بهم خيرًا"[11]. وهذا أبو عزيز بن عمير -أخو مصعب- يحدثنا عما رأى حين أسره المسلمون. قال: "كنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قَدّمُوا غداءهم وعشاءهم خَصّونِي بالخبز وأكلوا التمر، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إيّاهُمْ بِنَا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نَفَحَنِي بِهَا. فَأَسْتَحْيِي فَأَرُدّهَا على أحدهم، فَيَرُدّهَا عَلَيَّ ما يَمَسّهَا"[12]  وصدق فيهم قول الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)[13].

     كان هذا الخُلق الكريم الذي غرسه المعلم الأكبر صلى الله عليه وسلم في جنده، قد كان له بالغ الأثر في إسراع مجموعة من أكابر الأسرى وأشرافهم إلى الإسلام، فأسلم أبو عزيز عقب معركة بدر. وعاد الأسرى إلى مكة يتحدثون عن أخلاق محمد الرفيعة وسماحته وكرمه.

     النهي عن المثلة بالأسير: لما أُسر سُهيل بن عمرو أحد صناديد مكة فيمن أُسر، قال عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا رَسُولَ اللّهِ، دَعْنِي أَنْزِعْ ثَنِيّتَيْ سهيل بن عمرو، وَيَدْلَعُ لِسَانَهُ فلا يقوم عليك خطيبًا في موطن أبدًا" وقد كان خطيبًا مفوهًا، يهجو الإسلام. فقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم -في سماحةٍ وسمو-: "لا أُمَثِّلُ بِهِ، فَيُمَثِّلُ اللَّهُ بِي وَإِنْ كُنْتُ نَبِيًّا"[14]. فلم يمثل به كما يمثل الهمجيون في قتلى وأسرى الجيش المهزوم، وسنَّ بذلك سنة حسنة في الحروب، ويبقى له الفضل والسبق في تحريم إهانة الأسرى أو إيذائهم.

     هكذا كان نبي الرحمة في ميدان القتال، لا يستعين بمشرك على مشرك، يشارك جنوده، ويستشيرهم، ويعدل بينهم، ويحترم آراءهم، ويحاور أعداءه، ويكون وفيًّا كريمًا لأهل الفضل منهم، ويكرم الأسرى، وينهى عن إيذائهم.


[1]  طبقات ابن سعد، ج 3، ص 535.

 الواقدي، ج 1، ص 48.[2]

 سيرة ابن هشام، ج 2، ص389. وقد حسنه الألباني في تحقيقه فقه السيرة، ص 167.[3]

 ن.م، ج 1، ص 616.[4]

 ن.م، ج 1، ص 620.[5]

 ن.م، ج 1، ص 626. وقد صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، 2835.[6]

 الواقدي، ج 1، ص 62.[7]

 البخاري، حديث 2906.[8]

 طبقات ابن سعد، ج 10، ص 4.[9]

 انظر المستدرك للحاكم، 4896.[10]

 ابن كثير البداية والنهاية، ج 3، ص 307.[11]

 سيرة ابن هشام، ج 1، ص 644.[12]

 سورة الإنسان، الآية 08.[13]

 سيرة ابن هشام، ج 1، ص 649.[14]


الاثنين، 6 يناير 2020

دفاع شيوخ الزيتونة عن اللغة العربية بيرم الخامس نموذجا


لقد كان للدّين الإسلامي فضل كبير في انتشار اللغة العربية وكلّ مظاهر التعريب وما رافق ذلك من توسّع في الرقعة الجغرافية والبشرية للعرب. فالوحي – قرآنا و سنة – أكسب هذه اللغة حرمة و قدسية وساعد على غزو آفاق رحبة، لأنّ دخول الإسلام يعني تعلّم العربية  وبالتالي الانتماء إلى العروبة ثقافة وحضارة إلى درجة تكاد تكون معها العربيّة مرادفة للإسلام خاصة في الفترة الأولى من تاريخه. وكان لسياسة التعريب التي اتّخذها الأمويون أثرها البالغ في هذا المضمار .
     ويشير الدّارسون لتاريخ الإسلام في شمال إفريقيا إلى أنّ انتشاره كان أسرع في هذه الربوع من مناطق أخرى، ولعل مردّ ذلك إلى وجود مراكز قديمة بالمشرق ارتبطت أساسا بنشاط الفنيقيين التجاري، ثم اختلاط البربرية بالفنيقية وتأثرها بها أثناء ازدهار الحضارة القرطاجنية التي عاشت حوالي عشرة قرون قبل الميلاد، في مقابل تأثير ضعيف للمسيحية لم يكن لها تقريبا وجود إلاّ في المدن. وأهم من ذلك كلّه انتشار القبائل العربية من بني هلال وسليم بأعداد هائلة على تلك المناطق في القرن الخامس. وقد تدعّم التعريب بالخصوص بتشجيع الاستقرار في المدن والأريـاف ونشأة مراكز سياسية واقتصادية وثقافية ربطت بينها مسالك تجارية نشطة. وممّا زاد في دعم العربية والتعريب، الأدوار الريادية التي منحها الإسلام لأهل المغرب العربي حين شاركوا في التوسّع عبر البحر الأبيض المتوسّط وحين قاموا بنشر الدين الجديد بين البدو في المناطق الصحراوية وعن طريق التجارة عبر الصحراء الإفريقية. ولا شكّ أنّ هذا الانتشار قد رافقه آليا تعليم العربية كضرورة لقراءة
 القرآن وفهم مبادئ الإسلام[1].
     وبمرور الزمن ازدادت العربية عزّا وحضورا حتى أضحت هويّة سكان القطر التونسي وبقية الأقطار المغاربية. لكن بعـد مجيء الترك واستيـلائهم على الحكم إثر سقوط الدولة الحفصية، شهدت اللغة العربية انحسـارا كبيرا في تونس منذ القرن السابـع عشر ميلادي. فاستجلب الأتراك " القضاة من بلادهم للقضاء بين أيديهم باللغة التركية التي كانت لغة التخاطب فيما بينهم. ثم انتشرت داخل العائلات الخادمة لهم " ولم يبق لأهل القطر من مطمح في الارتقاء إلى تحمل مسؤوليات راقية إلا بتعلمهم اللغة التركية وهجر العربية حتى أصبح العلم يدرس في بعض المعاهد باللغة التركية .
     ولما ارتقى "حسين بن علي[2]"  إلى السلطة، أعاد الاعتبار إلى اللّغة العربية وعادت الدروس بانتظام إلى جامع الزيتونة الذي تخرجت منه "فحول تزين المسلمين ولهم براعة في كل الفنون سيما الإنشاء بالعربية الذي كاد أن يشبه أسلوب الأعاجم في عدة جهات. فإنّ علماء تونس محافظون على الأسلوب العربي ومحترزون عن اللحن. وإذا وجد في الكتبة أو الشهود من يلحن فذاك من تقليد الوظيف لغير المستحق[3]".
     ويذهب بيرم إلى أنّ اللهجة التي ينطق بها أهل القطر التونسي هي أفصح اللّهجات العربية إلاّ في حرف القاف فينطقها سكان البوادي والقرى بكاف أعجميّة[4].
     وأثناء زيارته للحجاز ميدان بلاغة العرب ومجال تسابق فرسان الكلام، لاحظ بأسف شديد أنّ الوضع انقلب إلى ضدّه ، فلا تجد متكلّما باللغة العربية السليمة "حيث دخلت العبارات الأعجمية بين القوم منذ تغلّب الأعاجم على الدولة الإسلامية لأنّ الناس على مذهب أمرائهم فيقلّدون الغالب والقويّ حتى في نحلته وكلامه وما كفى ذلك في إدخال المفردات الأعجميّة حتى سرى الأمر إلى اللّحن في الإعراب ... ففسدت اللغة في الحجاز فسادا كليّا حتى لم يبق من يكتب كتابة مستقيمة في الإعراب والألفاظ إلاّ النادر ممن هم أهل علم، وربّما اضطروا إلى كتابة كثير من المفردات الأعجمية لشهرتها وتعارفها، وهجران
 ما يرادفها من أصل العربية[5]".
    وبحلول القرن التاسع عشر واجهت اللغة العربية تحديات وتهديدات جديدة لكنّها أعمق أثرا وأكثر خطرا لأنّ الوافد في هذه المرّة لا ينتمي إلى الحضارة الإسلامية بل إلى الحضارة الغربية الصاعدة التي مهدت غزوها للآخرين بغرس جاليات قدمن من فرنسا وانقلترة ومالطا وإيطاليا إلى جانب الأقليات المسيحية واليهودية التي كانت الجسر المتين لتمرير ثقافته وأفكاره في هذه الربوع . فدعمتها بامتيازات تجارية و مادية مغرية ساعدتها بدورها على بسط نفوذها السياسي والثقافي، فانتشر تقليد الوافد في لباسه ولغته وأساليب عيشه، فكان المنعرج الخطير الذي طبع أوضاع المسلمين والذي لازالت آثاره السلبية إلى اليوم ظاهرة للعيان في الممارسات اليومية في الإدارة والسوق والعائلة والمدرسة .
     ولدى إقامته ببيروت واجتماعه برجال الفكر هناك، لاحظ بيرم أنّ لنصارى لبنان دورا كبيرا في إفساد لغة الضاد  إذ استطاعوا الحصول على أرقى المعارف، والتمكّن من معرفة بعض اللغات الأجنبية وأغلب مبادئ الفنون الرياضية، حتى صاروا متأهلين للتقدّم وتقلد الوظائف السامية. "إلاّ أنّ إنشاءهم بالعربية يكون غالبا على غير اللهجة الفصيحة والأسلوب العربي القحّ لأنّ غالب التلامذة يولعون باللغات الأجنبية فينسجون كتاباتهم العربية على منوال تلك اللغات فيصير السبك أعجميا في قوالب عربية يمجّها من ذاق طعم البلاغة[6]"
     ولم يكتف الشيخ بيرم بالدفاع عن العربية الفصحى من الجانب البلاغي – الأدبي المتصل بجمال عباراتها ورونقها وأثرها الروحي على السامع، بل بيّن بالحجّة الدامغة مزاياها ووظائفها الاجتماعية المتّصلة بحفظ الحقوق. فاللغة العربية استطاعت أن تكون أداة تعبير وتدوين لشتّى الفنون والعلوم. وقد وصفهـا بيرم باللغة الشريفة والمباركة، فهي أسّ الديانة، وبذلك وجبت الإحاطة بجميع مزاياها لكي تدرك الأحكام المأخوذة بها على الوجه الصحيح.  
    وقد نبّه بيرم إلى خطر انتشـار اللهجة العاميّة عـند تسجيل الوثائـق أو المراسلات الرسمية أو العقود، وكان مردّ ذلك في نظره إمّا قصور المستوى اللغوي من بعض الكتّاب أو الميل إلى سهولة الفهم باستعمال اللهجة الدارجة على الألسن في الكتابة. وهذه الظاهرة يخشى منها ضياع الحقوق المسجلة في تلك الوثائق وعدم فهم محتوى التقارير والمراسلات التي تخصّ نشاط الدولة وعلاقاتها بكلّ الأطراف الداخلية والخارجية بعد انقضاء فترة ما "فإنّه إذا كتب وسجّل حكم من المجلس الحاكم بهاته اللغة الرائجة كما شوهد مرارا وكان مقتضاه ثبوت الحق لزيد في دكّان مثلا، ثم مضت مائة سنة وهي مدّة يحدث فيها تغيير اللهجة الدارجة قطعا حتى ربما نسي حال اللغة وقت تاريخ ذلك التسجيل، وقام أحد ذرية المنازع لزيد على ذريته وفتح معه الدعوى في ذلك الدكان ، كانت ذرية زيد تظنّ أنّ بأيديهم حجّة كافية في إثبات حقّهم لكنّهم إذا أتوا بها إلى الحاكم في ذلك الوقت ربّما كان لا يفهمها لتغيّر حال التخاطب لا سيما إذا دام هذا الحال المشاهد في كثرة استعمال الألفاظ الأجنبية المحرفة عن لغتها أيضا. ولا يجد ذلك الحاكم مرجعا لإمكان فهم ذلك الحكم إلا مجرّد السؤال من الشيوخ الهرمين والعجائز، عن المراد بذلك وعن مؤداه ممّا لا يفيد في الحقيقة للوقوف على الحق ... ولا يجد للغة المكتتب بها صكّ الحكم ولا كتب مفردات في اللغة ولا كتب نحو في إفادة تراكيبها المعاني الأوليّة، فضلا عن المعاني الثانوية والكنايات والاستعارات والمجاز ممّا شائع في كلّ اصطلاح في التخاطب. لا جرم أنّه إذا دام الحال على هذا المنوال تضيع به الحقوق وينخرم نظام الكتابة والفهم[7].
    ويرى بيرم أنّه لا يمكن معالجة هذا الوضع إلاّ باعتماد أصل اللغة العربية، لأنّ اللهجة الدارجة لا يمكن ضبطها بالقواعد التي انضبطت بها اللغة العربية وهذا مستحيل لسبب واضح وبسيط وهو أنّ الدّراجة ليست بمستقرّة بل هي متغيّرة في كل حين في مفرداتها ومعانيها الأوليّة والثانويـّة، وإذا ما تقدّم تجاوز ذلك هل توجد لهجة عاميّة واحدة بها يتخاطب أهل المنطقة الواحدة " وما هي العاميّة التي قد يفكر بعضهم في تعميمها لتعوّض الفصحى ؟ أهي لغة الفلاح أم الجزار أم الملاّح، لغة القرى أو لغة البادية[8] ؟ " فضلا عمّا يؤدي ذلك إلى إهمال خطير للكتب الدينية من وحي وتراث نحت هوية الأمة وطبع  حضارتها على مرّ العصور.                                                                       
      وقد عولجت قضايا العامية والدخيل في اللغة من قبل الأقدمين والمعاصرين اللغويين واختلفت في شأنها المواقف بين مؤيّد ومعترض ومحترز. ورغم تباين الآراء فإن الواقع اللغوي شاهد على التعريب والاقتباس والأخذ والعطاء بدرجات متفاوتة الحجم حسب ظروف المرحلة الحضارية التي تمر بها الملّة، ولا خيار في ذلك "لأنّ اللغة إنّما هي أداة يكون لها من الصلاحية والنجاعة بقدر ما يكون لمستعمليها من الكفاءة والبراعة. وحياة اللغة بالاستعمال، واللغة تتطوّر بتطوّر الحياة وإلاّ فإنّ ما وقف وتحجّر اضمحّل وصار إلى الفناء[9]" وقد حتّم الواقع التجاء اللغة العربية – كمثيلاتها من لغات الأمم – إلى الدخيل والمعرّب والعامي، وضمنت بذلك حياتها وتطورها وقدرتها على التفاعل مع الجديد ثم الإبداع، دون أن تتعرض لخطر الاضمحلال والاندثار لأنّ عمليّة التعريب[10]،  حافظت على شروطها التي تحفظ للعربية روحها وجمالها وخصائصها، ممّا يضمن ازدهار المعـارف وتحقيق الإبداع في الأمّة، ولن يكون ذلك كذلك إلاّ إذا كانت تلك العلوم والفنون بلسان الأمّة الأصلي  وهو ما أكّده بيرم ونبّه إليه بأمثلة من ماضي المسلمين المجيد وأمثلة من الحاضر بقوله "نجد الأروباويين عند أخذهم لهاته المعارف من الملّة الإسلامية قد ترجموا الكتب إلى لغتهم وكل فرقة اجتهدت في نشر تلك المعارف بلسانها لا بلسان الأمّة المأخوذ عنها[11] ".
     وفي إطار عملية التفاعل الحضاري أقحم الدخيل في اللغة العربية إمّا حرفيا كما هو أصله أو بصقله وصياغته  في قوالب الأوزان العربية. حدث ذلك في عهود ازدهار اللغة العربية ، فأخذت من الفارسيـة واليونانية والهندية وغيرها. وقد أجاز جلّ علماء اللغة هذه الطريقـة إذا دعت الحاجة إلى ذلك في صـورة عدم وجود لفظ متداول في اللغة أو مهجور يؤدي بدقّة المعنى المصطلح عليه.
   وفي المقابل أعطت العربية للعديد من اللغات من ألفاظها " ولم تجد لغة في الدنيا استنقصت لأنّها أخذت من غيرها بل إنّ عدم أخذها من الغير هو الذ يجعلها في عداد اللغات الميّتة ".
    وبالفعل اضطر بيرم كغيره من رجال الإصلاح في القرن التاسع عشر إلى استعمال بعض المفردات الدخيلة، سواء حافظت على صيغتها الأصليّة أو خضعت للأوزان العربية  – وهي قليلة جدّا – بل نجده مجتهدا في تفسير اللفظ والتركيز على علاقته بالمعنى إلى جانب استعماله للدّخيل[12]
     وهذا لا يعني وجوب إدخال كل لفظ أجنبي إلى اللغة العربية بل يجب الأخذ بما تدعو الحاجة إلى أخذه كما فعل الأسلاف وألاّ نستسهل الأمر حتى يضيع جوهر اللغة وخصائصها، ولا نبذل الجهد في البحث عن المرادفات الصحيحة بدعوى فقر اللغة العربية وعقمها في مواكبة التطورات الحضارية. فأصل الداء في حقيقـة الأمر يتعلّـق بالأشخاص وبعقلياتهم ومستواهم اللغوي، لأنّ أهل الاختصاص أقرّوا بأنّ لغتنا العربية " قد جاوز ثراؤها الحدّ إذ عدد الألفاظ العربية يفوت الستّة ملايين، لا يستعمل منها إلاّ قرابة الستة آلاف مفردة (أي واحد من ألف!) والباقي مهمل ! مع العلم أنّ اللغة العربية تقتني ثروتها هذه من أصولها الثلاثية والرباعية والخماسية وتضـمّ إليها نظامـا متكاملا لا يختّل في الاشتقاق ونظاما متطورا في النحت بحيث تضارع غيرها من اللغات الكبرى[13]".  
    وقد قام بيرم بما يسمّى بـ "التوليد اللفظي" وذلك باشتقاقه صيغا غير واردة في الفصحى مثل جمعه "كروسة" بكلمة "كراريس[14]"، أو زيادة واو الاستهجان قبل ياء النسبة مثل: فرنساوي  وفرنساوية[15]".
     إلاّ أنّ بيرم، رغم دفاعه الشديد عن الفصيح فإنّه وقع كغيره من المؤلفين تحت ضغوط ثقافته المحلية المتنوعة المصادر والضاربة في أعماق تاريخ القطر، من بربرية وفينيقية وعبرية وأندلسية وتركية وحتى ايطالية ومالطية ... فأمسى هذا الخليط لغة التخاطب اليومي بين الناس وذلك مثل: "الكارطة "(تعريب لكلمةCarta) والدامة (Jeux de dames) و" المنقلة " و" الخربقة "والمخاطرة " ( أي المراهنة ) و" الجعبة " ( أي الأنبوب : باللغة التركية) و"السبالة "(أو السبيل وهي: البئرأو عين الماء المخصصة لإرواء أبناء السبيل، وهي من الكلمات العاميّة التونسية) و"الكرطونات" (لفظة أجنبية الأصل تعني العربات الصغيرة) و"السبابط " (مفردها سبّاط أي الحذاء، وهي عامية اختلف في أصلها: إمّا من كلمةCiabatta  الإيطالية أوCabata  التركية والمرجح أنّها إيطالية فهي تعني الإسكافي أو الخصّاف أي مصلح الأحذية القديمة) و" الزناقي "(مفردها زنقة وتعني الأزقة وهي عامية تونسية[16]) إلخ .....
    ولعلّ مردّ ذلك حرص صاحب الصفوة على تقريب صورة المدلول أكثر ما يمكن من ذهن القارئ الذي تعوّد هذه المفردات المشهورة في التخاطب اليومي !خاصة إذا تعلق الموضوع بتحليل اتنوغرافي للمجتمع التونسي وإبراز مميزاته الحضارية، الثقافية منها والمادية.
    ويرى بعض علماء اللغة المعاصرين أنّ في العاميّة كثيرا من المفردات الفصيحة ولكنها غير موجودة في المعاجم. وطالبوا في عدة مناسبات بردم الهوّة بين الفصحى بانتقاء الألفاظ التي يعتقد الخاصــة بأنّها عامية في حين أنّها من الفصحى. بل ذهب آخرون إلى ضرورة تعميم الفصحى بتفصيح العامية. خصوصا وأنّ وسائل الإعلام الكبرى كالإذاعة والتلفزة والصحيفة لعبت دورا كبيرا في جعل العامية تقترب شيئا فشيئا من الفصحى بدليل أنّ الدارجة في المغرب العربي كما في المشرق مات كثير من مفرداتها ذات الجذور التركية والفارسية والإيطالية التي كانت شائعة بكثرة في أواخر القرن الماضي وبداية القرن الحالي أي القرن العشرون ميلادي، ولازالت الاجتهادات متواصلة في هذه المسألة حتى تنتعش اللغة العربية من جديد وتتطور وتصبح أداة تعبير في كل الميادين وليس ذلك بعزيز إذا ما توفرت العزيمة الصادقة لتحقيق هذا الهدف الحضاري ولنا في اللغة اليابانية واللغة العبرية المثل البارز.




[1] حول تاريخ هذه القضية راجع أعمال الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية تحت عنوان: "القومية العربية والإسلام" الطبعة الثانية، بيروت، أيلول/سبتمبر 1982.
[2] وقع اختياره من لدن أعيان الحاضرة ووجهائها لولاية منصب الباي وذلك في 22 ربيع أول 1117 هـ/15 جويلية 1705م. وقد حصل على    فرمان التولية بصفة شرعية من الأستانة 06 صفر 1118هـ/ جوان 1706م.
[3] صفوة الاعتبار: 2/30.
[4] المقصود حرف "g" وقد كتبها بعضهم بوضع نقطة ثالثة فوق "ق".
[5] الصفوة: 5/30.
[6] أورد بيرم أمثلة لذلك السبك الأعجمي في قوالب عربية نقلا عن رسالة نقدية نشرها المفكر اللبناني الشهير رشيد الدحداح في جرائد عربية.
[7] الأعلام عدد 181.
[8] تنمية اللغة العربية في العصر الحديث، ص: 19.
[9] من محاضرة بعنوان "خواطر حول اللغة العربية في العصر الحديث " قدّمها  الدكتور " محمد السويسي "بالملتقى الرابع لابن     منظور(قفصة،أفريل 1976 ) انظر: كتاب " تنمية اللغة العربية في العصر الحديث " – وزارة الشؤون الثقافية – تونس 1978 ، ص : 21.
[10] للتذكير فإنّ عمليّة التعريب تطلق على معنيين مختلفين:
-         الأول: إدخال اللفظ الأعجمي ضمن المعجم العربي فيصقل ويصاغ في قوالب الأوزان العربية فيخضع بالتالي إلى أبنيتها ومقاييسها  وقواعدها، فيشتق منها على الطريقة التي بها يشتق من العربي الصميم.
-         أما المعنى الثاني: فهو إيجاد مقابلات عربية للألفاظ الأعجمية حتى تصير العربية الفصحى وحدها هي لغة الكتابة والتدريس والتعليم والإعلام تستخدم في كافة المؤسسات والشارع والصحافة ، وهو ما يسمّى بالنقل من اللغة الأجنبية إلى اللغة العربية.
[11]الأعلام، عدد 156
[12] كقوله: "الكوميسبون المالي: وهي اللجنة المالية التي تشكلت من الأهالي والأجانب "( الصفوة: 2/40 وما بعدها ). أو "التنبر: أي الأوراق المختوم عليها من الحكومة ليكتب فيها الاحتجاجات بحيث لا تقبل حجة في غير ورقة مختومة " ( الصفوة : 2/56)    وكذلك كلمة " آسيد سيلسيك :أي طين البلور ( حامض صواني " ( الصفوة : 1/112).
وغيرها من المفردات مثل " الغرام Gramme  وتذاكر الكوبون Coupon  " إلخ ... ( الصفوة : 1/111 و 2/107) .
[13] من محاضرة ألقاها الدكتور علي الشنوفي تحت عنوان "دور التربية والتعليم في تنمية اللغة العربية "، ( انظر: " تنمية العربية "، ص: 200).
[14] "الكروسة ": كلمة من أصل إيطالي"Carozza  وهي العربة المجرورة بالخيول (انظر: الصفوة: 2/118) وللتذكير فإنّ ظهور الكروسة بتونس كان على عهد الدولة المرادية ( 1022هـ - 1114  هـ / 1612م – 1702 م ). جيء بها من أوروبا لركوب حمودة باشا المرادي (انظر: ص 191).
[15] الجزءين الثاني والثالث من الصفوة.

[16] انظر خاصة الجزء الثاني من صفوة الاعتبار الذي خصصه بيرم للتعريف بالقطرالتونسي جغرافيا وتاريخيا واتنوغرافيا ( خاصة في وصف العادات  والتقاليد والصنائع والمساكن .... ).