السبت، 9 أبريل 2011

بين العالمية و العولمة جزء 1


          مقدمة:
     دخلت البشرية حقبة تاريخية جديدة منذ منتصف القرن العشرين نتيجة أحداث سياسية و اقتصادية معينة منها انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي ثم سقوطه سياسيا و اقتصاديا عام1991 و ما أعقبه من انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالتربع على عرش الصدارة في العالم المعاصر، و انفرادها بقيادته السياسية  والاقتصادية و العسكرية. حيث برزت القوى الاقتصادية الفاعلة من قبل المجموعات المالية الصناعية الحرة عبر الشركات و المؤسسات الاقتصادية المتعددة الجنسيات مدعومة بصورة قوية و ملحوظة من دولها. إنه استعمار جديد يعتمد على رؤوس الأموال و الشركات العابرة للقارات التي تهيكل اقتصاديات البلدان النامية وفق المركز و نعني به السياسة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية في علاقتها مع هذه البلدان الفقيرة. فخضعت اقتصاديات البلدان النامية للسيطرة و التدخل المباشر للمؤسسات البنكية الدولية التي تعمل على تطبيق غايات وأهداف البرامج الأمريكية بإيعاز من الصهيونية. ولم تكن الدول العربية و المسلمة بمعزل عن هذا التمشي الاقتصادي و السياسي ففي خضم هذه التحولات و التغيرات بقي المسلمون دون وزن و لا اعتبار بل لا شأن لهم بين الأمم والشعوب يتعرضون للذل و الهوان و الضياع يستفتون أعداءهم في رسم حاضرهم و مستقبلهم بل أصبح هذا الغير هو المؤتمن على صياغة حاضرهم و مستقبلهم. هذا الغير الذي وجه سياستهم الداخلية والخارجية ونظمهم الاجتماعية و مناهجهم و برامجهم التربوية و صاغ نمط و شكل ثقافتهم و تصوراتهم الفكرية. بل لقد استهدفت حملة الغير الأمة و رسالتها في الحياة كما تناولت مقدسات أخلاقها و قيمها الدينية الأصيلة بالهدم والتقويض والتشويه و إثارة الشبهات و الشكوك. التحولات الكبرى التي عاشها العالم في جميع المستويات و التغيرات التي مست البنى الأساسية للدول النامية كان يمهد بميلاد و بزوغ نمط جديد لقيادة العالم يراعي مسائل الاستقلال و الحرية و لكن بأسلوب منطوي يكرس النزعة الاستعمارية و العنصرية و لكن في شكل جذاب يخدع و يراوغ  إنها العولمة الأمريكية الرأسمالية ذات النزعة الاستعمارية  والتي تستهدف هيمنة دولة واحدة – الولايات المتحدة الأمريكية – على دول العالم أجمع. و قد استطاعت الصهيونية بكل يسر تمرير ما رسمته من أهداف و غايات و ذلك بسبب تخلي المسلمين عن مصدر القوة و العزة  و السيادة و الكرامة تخليهم عن الإسلام رسالة و منهجا ونظاما للحياة.

          هدف البحث:
     يهدف هذا البحث إلى بيان وجود فروق كبيرة بين مضمون العولمة و مفهومها التي تسعى أمريكا إلى فرضها على العالم و مضمون العالمية التي جاء به الإسلام. تصورات العولمة و مظاهرها و رؤى وتصورات عالمية الإسلام التي تتعلق بالإنسان و الكون و الحياة و إثبات وجود خلاف بين منطلقات العولمة و منطلقات الإسلام و بين مجموع القيم المحركة لكل منها و إظهار سمات عالمية الإسلام بحيث لا يمكن أن تتطابق المنطلقات و التوجهات في الحالتين. و أيضا يوجد خلاف بين مجموعة القيم المحركة لكل منها فبينما تقوم عالمية الإسلام على عالمية الجنس البشري و القيم المطلقة و تحترم خصوصياته و تفرد الشعوب و الثقافات المحلية ترتكز العولمة على عملية نفي أو استبعاد لثقافات الأمم و الشعوب و محاولة فرض ثقافة واحدة وتصورات لدولة تمتلك القوة المادية و تهدف إلى تحقيق مكاسب خاصة لا منافع للبشر.
          عناصر البحث:
Ø     تعريف العولمة لغة و اصطلاحا.
Ø     الجذور التاريخية للعولمة.
Ø     أهداف العولمة.
Ø     سمات عالمية الإسلام.
Ø     الفرق بين عالمية الإسلام و العولمة.
منهج البحث:
     اعتمدت في البحث على المنهج الوصفي التحليلي ثم النقدي و ذلك بجمع المادة العلمية في القضية موضوع البحث ثم محاولة تحليلها و مقارنتها و مفارقتها و مناقشتها و نقدها و من ثم الوصول إلى النتائج المرجوة. و قد قسمت البحث إلى مقدمة و عدة مطالب و خاتمة ذكرت فيها أهم النتائج التي استخلصتها من هذا البحث.
                              I.            تعريف العولمة لغة و اصطلاحا:
     * العولمة لغة: العولمة ثلاثي مزيد يقال عولمة على وزن فوعلة، مشتق من كلمة العالم كما  يقال قولبة اشتقاقا من كلمة قالب. إذاً كلمة "العولمة " نسبة إلى العَالم- بفتح العين- أي الكون، وليس إلى العِلم - بكسر العين- والعالم جمع لا مفرد له كالجيش والنفر، وهو مشتق من العلامة على ما قيل، وقيل: مشتق من العِلم، وذلك على تفصيل مذكور في كتب اللغة. وهذه الكلمة بهذه الصيغة الصرفية لم ترد في كلام العرب، والحاجة المعاصرة قد تفرض استعمالها، وهي تدل على تحويل الشيء إلى وضعية أخرى ومعناها: وضع الشيء على مستوى العالم، وأصبحت الكلمة دارجة على ألسنة الكتاب والمفكرين في أنحاء الوطن العربي.[1]
     * العولمة اصطلاحا: إنّ كلمة العولمة جديدة، وهي مصطلح حديث لم يدخل بعد في القواميس السياسية والاقتصادية. ولقد ظهرت العولمة أولاً كمصطلح في مجال التجارة والمال والاقتصاد ثم أخذ يجري الحديث عنها بوصفها نظاماً أو نسقاُ أو حالة ذات أبعاد متعددة، تتجاوز دائرة الاقتصـاد، فتشـمل إلى جانب ذلك المبادلات والاتصال والسياسة والفكر والتربية والاجتماع والأيديولوجيا.[2]
      لقد كثرت التعاريف التي توضح معنى العولمة سأذكر البعض منها ثم سأحدد التعريف الذي أراه مناسبا ويعبر عن المعنى الحقيقي للظاهرة.
     ويعرّف د. محمد عابد الجابري العولمة بقوله هي:"العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلداً بعينه هو الولايات المتحدة الأمريكية بالذات على بلدان العالم أجمع" وهي أيضاً أيديولوجياً تعبر بصورة مباشرة عن إرادة الهيمنة على العالم وأمركته" أي محاولة الولايات المتحدة إعادة تشكيل العالم وفق مصالحها الاقتصادية والسياسية، فالعولمة هي اسم للاستعمار في أشكال جديدة، وهي نوع من السيطرة الأمريكية على العالم[3].
     وتعمل العولمة على صهر العالم في بوتقة حضارية معينة، كما أنها تعتبر قمة التطور التي وصلت إليها الرأسمالية، حيث تسعى إلى استبدال المال المحلي برأس المال العالمي، وما يترتب على ذلك من انقلاب في علاقة الإنسان بواقعه وبالآخرين من جهة، وبتاريخه وميراثه الثقافي أو الحضاري من جهة أخرى.  وقد أطلق "هربت ماركوس" على هذه الحضارة الجديدة "حضارة الإنسان ذو البعد الواحد"[4]
      العولمة تعني التدخل الواضح في أمور الاقتصاد و الاجتماع و السياسة و الثقافة و السلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو الانتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة.
     العولمة هي النمو الغير متكافئ في الثروة و ازدياد التفاوت في توزيع الدخل السواء أكان ذلك على مستوى الدول حيث ستزداد الدول الغنية غنى و ستزداد الدول الفقيرة فقرا أم كان على مستوى الأفراد داخل الدولة الواحدة حيث ستتركز الأموال و الثروات في أيدي فيئة قليلة.
     العولمة وجود نمط عالمي واحد و باختصار امتداد طبيعي لنمو المركز الغربي و انبساطه في الأرض مبشرا بنموذجه المادي المغرق في حب السيطرة أو كما يقول أحد المفكرين الغربيين " إنها روما الجديدة ... كما كانت روما في السابق تصر على أن كل الطرق تِِؤدي إليها فإن العولمة حتما لا تعرف سوى طرق تؤدي إلى أمريكا وكما كانت روما جنة السادة و جحيم العبيد فإن أمريكا تعيد الفكرة نفسها.
     بعد هذا العرض الموجز للعولمة و أهدافها و وسائلها و تأثيراتها في واقع المجتمعات و الشعوب يمكن تعريف العولمة بما يلي: هي الحالة و الوضعية التي تتم فيها عملية تحوّل و تغيير الأنماط و النظم الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية و الثقافية و مجموع القيم و العادات السائدة و محو المذاهب و الأديان و طمس الانتماء القومي و الوطني في إطار تدويل النظام الرأسمالي الجديد وفق الرؤية الأمريكية المهيمنة، التي تزعم أنها سيدة الكون و حامية النظام العالمي الحديث.

                           II.            الجذور التاريخية للعولمة:
       هل العولمة بنت هذا الزمان المتأخر؟ أم لها جذور ضاربة في التاريخ حيث يذهب البعـــض إلى  إن جذورها الأولى ترجع إلى بداية القرن التاسع عشر مع بداية الاستعمار الغـربي لأسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية ثم اقترن بتطور الصناعي والتجاري الحديث في أوربا ، فمصطلح النظام العالمي كان مستخدما منذ مؤتمر فينا 1815 الذي قاده مترنيخ رئيس وزراء النمسا و جدده بسمارك الألماني و كذلك كليمنصو الفرنسي في مؤتمر فرساي 1919. و يرى بعض المؤرخين أن ظهور الإمبراطوريات التي أرادت السيطرة على العالم و إخضاع البشر لنفوذها و حكمها هو عولمة و لكن ليست بالشكل الذي ظهرت به سنة 1995 و هي البداية الحقيقية  والفعلية لها.

                       III.            أهداف العولمة:

    1 - الأهداف الاقتصادية:

   ترتبط عملية العولمة بتدويل النظام الاقتصادي الرأسمالي، حيث تمّ توحيد الكثير من أسواق الإنتاج والاستهلاك، وتمّ التدخل الأمريكي في الأوضاع الاقتصادية للدول، وخاصة دول العالم الثالث، عبر المؤسسات المالية الدولية: كصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، التي تمارس الإملاءات الاقتصادية المغايرة لمصالح الشعوب، وبالتالي تحقق العولمة لأصحابها عدة أهدف كبيرة في المجال الاقتصادي هي
   أولاً: السيطرة على رؤوس المال العربية، واستثماراتها في الغرب فالعالم العربي الذي تتفاقم ديونه بمقدار (50) ألف دولار في الدقيقة الواحدة هو نفسه الذي تبلغ حجم استثماراته في أوروبا وحدها (465) مليار دولار عام 1995 بعد أن كانت (670) ملياراً عام 1986 فنتيجة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والتبعية النفسية للغرب تصب هذه الأموال هناك لتدار حسب المنظومة الغربية[5].
   ثانياً: الهيمنة الأمريكية على اقتصاديات العالم من خلال القضاء على سلطة وقوة الدولة الوطنية في المجال الاقتصادي، بحيث تصبح الدولة تحت رحمة صندوق النقد الدولي، حين تستجدي منه المعونة والمساعدة عبر بوابة القروض ذات الشروط المجحفة، وخاضعة لسيطرة الاحتكارات والشركات الأمريكية الكبرى على اقتصاد الدول. يقول رئيس وزراء ماليزيا:مهاتير محمد الذي عانت بلاده من آثار العولمة في السنوات الأخيرة:"إنّ العالم المعولم لن يكون أكثر عدلاً ومساواة. وإنّما سيخضع للدول القوية المهيمنة. وكما أدّى انهيار الحرب الباردة إلى موت وتدمير كثير من الناس، فإنّ العولمة يمكن أن تفعل الشيء نفسه، ربّما أكثر من ذلك في عالم معولم سيصبح بإمكان الدول الغنية المهيمنة فرض إرادتها على الباقين الذين لن تكون حالهم أفضل مما كانت عليه عندما كانوا مستعمرين من قبل أولئك الأغنياء[6]". وقال أيضاً:" كانت ماليزيا لسوء الحظ قد جربتها في الفترة الماضية ووجدتها أنّها لم تشكّل لإغناء دول العالم أجمع ومنهم الدول النامية مثلنا، لقد كنّا على وشك أن نعلن إفلاسنا الكامل بسبب نظام العالم المعولم، وكدنا أن نتحول إلى متسولين وعالة على غيرنا، وأن نقع تحت وطأة أوامر القوى الكبرى."[7] 
   ثالثاً: تحقيق مصالح المجموعات الغنيّة في الدول الغربية والقوى المتحالفة معها في الدول الأخـرى علـى حسـاب شـعوب العالـم، وممّا يدل على ذلك فشل تجربة "النمور الآسيوية":ومنها إندونيسيا وماليـزيا، حيث لم تسـتطع تحقيـق المصالح الاقتصـادية المطلـوبـة لشـعوبها، إذ عملت الشركات المتعددة الجنسيات على إحداث هذا الفشل، وقام أحد المستثمرين الأجانب - أحد رموز العولمة - الملياردير "جورج سورش" باللعب في البورصة مما أدى إلى ضرب التجـارة التنمويـة وإحباطهـا. وفي يوم 19/6/2000 عقد في القاهرة مؤتمر ضمّ الدول الخمسة عشر- أفريقية وآسيوية - من الدول النامية  أكدّ المتحدثون فيه أنّ الاقتصاد العالمي الجديد هو لصالح فئة قليلة تزيدها غنى فوق غناها، على حساب الدول الكثيرة الفقيرة، وهو يدفع الدول النامية إلى مقبرة الفقر.
     2 – الأهداف السياسية
   أ- فرض السيطرة السياسية الغربية على الأنظمة الحاكمة والشعوب التابعة لها، والتحكم في مركز القرار السياسي وصناعته في دول العالم لخدمة المصالح الأمريكية والقوى الصهيونية المتحكمة في السياسة الأمريكية نفسها، على حساب مصالح الشعوب وثرواتها الوطنية والقومية وثقافتها ومعتقداتها الدينية يقول جون بوتنغ رئيس المدراء التنفيذيين السابق في بنك بنسلفانيا "في العولمة نحن نقرر من الذي سيعيش ونحن نقرر من الذي سيموت"[8]
    إنّ العولمة الأمريكية الصهيونية تخطط للتدخل العسكري وإعلان الحرب في أية بقعة من العالم، تفكر بالخروج على سيطرتها وتحكمها لأنّ العالم يراد له أن يقع تحت براثن الاستبداد الأمريكي والقانون الأمريكي والقوة العسكرية الأمريكية. وهو أمر يكشفه تقريران خطيران كانا سريين للغاية، ثم نُشرا بعد ذلك، وهما تقريرا "جريميا وولفوفتيز[9]  ولا شك في أنّ نصيب العالم الإسلامي- في أفغانستان، وفلسطين والعراق- قد كان كبيراً في ضوء تلك السياسة الأمريكية الظالمة.يقول صموئيل هنتنغتون:"إنّ الغرب بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بحاجة ماسّة إلى عدو جديد يوحد دوله وشعوبه، وأنّ الحرب لن تتوقف، حتى لو سكت السلاح وأُبرمت المعاهدات، ذلك أن حرباً حضاريةً قادمةً ستستمر بين المعسكر الغربي الذي تتزعمه أمريكا وطرف آخر، قد يكون عالم الإسلام أو الصين"[10]
   ب - إضعاف فاعلية المنظمات والتجمعات السياسية الإقليمية والدولية والعمل على تغييبها الكامل كقوى مؤثرة في الساحة العالمية والإقليمية ومن ذلك: منظمة الدول الأمريكية، ومنظمة الوحدة الأفريقية، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والمتابع لنشاطات هذه المنظمات يلاحظ أنها لا تستطيع اتخاذ أي موقف تجاه القضايا السياسية المعاصرة، وتجاه الأحداث الجارية مثل قضايا: فلسطين،والبوسنة والهرسك، وكشمير وألبان كوسوفو، والشيشان، والعراق.
     جاء في خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش- الابن- عن حال الاتحاد اليهودي المسيحي في 29 جانفي 2002 " نعتبر جميع المنظمات الدولية التي تعارض أيّ هدف يتعلق بالمصلحة الوطنية الأمريكية الإسرائيلية (غير ذي صلة) ويشمل هذا منظمات كالأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية، التي يجب في اعتقادي أن يتم حلّها فوراً، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والفاتيكان، وجميع المنظمات الإسلامية[11]".
   ت - إضعاف سلطة الدولة الوطنية، أو إلغاء دورها وتقليل فاعليتها، وقتل روح الانتماء في نفوس أبنائها، فالعولمة نظام يقفز على الدولة والوطن والأمة، واستبدال ذلك بالإنسانية، إنّها نظام يفتح الحدود أمام الشبكات الإعلامية، والشركات المتعددة الجنسيات. ويزيل الحواجز التي تقف حائلاً دون الثقافة الرأسمالية المادية والغزو الفكري، الذي يستهدف تفتيت وحدة الأمة، وإثارة النعرات الطائفية، وإثارة الحروب والفتن داخل الدولة الواحدة، كما في السودان. يقول ريتشارد كاردز المستشار السابق لوزارة الخارجية الأمريكية:"إنّ تجاوز السيادة الوطنية للدول قطعة قطعة يوصلنا إلى النظام العالمي بصورة أسرع من الهجوم التقليدي"[12]
   ث - إضعاف دور الأحزاب السياسية في التأثير في الحياة السياسية في كثير من دول العالم - خاصة الدول الإسلامية- في الوقت التي بدأت فيه المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية تمارس دوراً متزايداً في الحياة السياسية
  ج- إحداث تجزئة داخلية في كل بلد عربي أو إسلامي، حتى ينشغلوا بأنفسهم وينسوا تماماً أنهم أمة عربية واحدة، ينتمون إلى جامعة إسلامية واحدة. وهذا معناه بعثرة الشعوب المسلمة وتفرقها، والقضاء على مقومات الوحدة والتضامن الإسلامي، وتفريغ المنظمات والتجمعات الإسلامية من مضامينها الحقيقية حتى تبقى عاجزة عن تحقيق آمال وأماني المسلمين ولتصبح أداة طيعة في خدمة المخططات الاستعمارية الغربية. إذاً المشروع السياسي للنظام العالمي الجديد الذي انتهت إليه العولمة هو: تفتيت الوحدات والتكوينات السياسية- الدول - إلى تجمعات ودويلات صغرى ضعيفة ومهزوزة، ومبتلاة بالكوارث والمجاعات والصراعات الداخلية والفتن.
       3 - الأهداف الثقافية:
      تقوم العولمة في الجانب الثقافي علي انتشار المعلومات، وسهولة حركتها، وزيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات، أي تقوم علي إيجاد ثقافة عالمية، وعولمة الاتصالات عن طريق البث التليفزيوني عبر الأقمار الصناعية، وبصورة أكثر عمقا عبر شبكة الإنترنت التي تربط البشر بكل أنحاء المعمورة. كما تعني العولمة الثقافية توحيد القيم وخاصة حول المرأة والأسرة، باختصار تركز العولمة الثقافية علي مفهوم الشمولية ثقافة بلا حدود، وآلة ذلك الإعلان والتقنيات[13]     
    ولعلّ من أخطر أهداف العولمة ما يعرف بالعولمة الثقافية فهي تتجاوز الحدود التي أقامتها الشعوب لتحمي كيان وجودها، وما له من خصائص تاريخية وقومية وسياسية ودينية، ولتحمي ثرواتها الطبيعية والبشرية وتراثها الفكري الثقافي، حتى تضمن لنفسها البقاء والاستمرار والقدرة على التنمية ومن ثمّ الحصول على دور مؤثر في المجتمع الدولي. فالعولمة الثقافية تقوم على تسييد الثقافة الرأسمالية لتصبح الثقافة العليا، كما أنها ترسم حدوداً أخرى مختلفة عن الحدود الوطنية مستخدمة في ذلك شبكات الهيمنة العالمية على الاقتصاد والأذواق والثقافة"[14]
        إنّ العولمة لا تكتفي بتسييد ثقافة ما، بل تنفي الثقافة من حيث المبدأ، وذلك لأنّ الثقافة التي يجري تسييدها تعبر عن عداء شديد لأي صورة من صور التميز، إنّ الثقافة الغربية تريد من العالم أجمع أن يعتمد المعايير


 العرب و العولمة  ص 135: محمد عابد الجابري[1]
 ن.م ص: 137[2]
 ن.م ص 138[3]
 اتجاهات العولمة و إشكالية الألفية الجديدة ص 126: السيد ولد أباه  [4]
 جريدة البيان الإماراتية عدد 7 جانفي2009 [5]
 الدين و العولمة: أحمد عثمان التو يجري[6]
 موقع الإسلام على الطريق[7]
 دراسة حول البعد التاريخي و المعاصر لمفهوم العولمة: غازي الصوراني[8]
 النظام العالمي الجديد: منير شفيق [9]
 تحديات النظام العالمي الجديد: عماد الدين خليل [10]
 ن. م[11]
 ن.م[12]
 الثقافة العربية في عصر العولمة: عبد الفتاح أحمد الفاوي[13]
 العرب و العولمة : محمد عابد الجابري[14]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق