الدكتور هشام بن عبد العزيز بالرّايس
إبستيمية
النص الفقهي تشير إلى الإطار المعرفي (الإبستيمولوجي) الذي يحكم إنتاج وتأويل النصوص
الفقهية، أي كيف تتشكل المعرفة الفقهية، وما هي مناهج فهمها، وأسسها المنطقية، واللغوية،
والاجتماعية.
مكونات
إبستيمية النص الفقهي: يمكن تحليل إبستيمية النص الفقهي من خلال عدة جوانب رئيسية:
1) المصدرية والمعيارية النص الفقهي يعتمد على
المصادر الشرعية: القرآن الكريم السنة النبوية الإجماع القياس (والاجتهاد بأدواته المختلفة)
هذه المصادر تحدد معايير التشريع، وتؤثر على طرق الاستنباط الفقهي.
2) منهجية الاستدلال والتأويل النص الفقهي يخضع
لمناهج استدلالية دقيقة، مثل: الأصول اللغوية: قواعد النحو، البلاغة، دلالة الألفاظ.
الأصول العقلية: القياس، الاستصلاح، الاستحسان، سد الذرائع. الأصول النقلية: حجية الحديث،
طرق تصحيحه وتضعيفه، مفهوم النسخ. الاختلاف في التأويل يؤدي إلى تعددية المذاهب الفقهية
(الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي).
3) العلاقة بين النص والواقع الفقه لا يُنتج
في فراغ، بل يتفاعل مع السياق الاجتماعي والسياسي. هناك دائمًا جدلية بين الثابت والمتغير
في الفقه، فالنصوص القطعية تُحافظ على ثبات الأحكام الكبرى، بينما الاجتهاد يراعي المستجدات
والمتغيرات الزمنية.
4) إنتاج المعرفة الفقهية عبر التاريخ
الفقه الإسلامي ليس مجرد مجموعة نصوص، بل هو منظومة معرفية متطورة. نشأ ضمن حقول معرفية
أخرى، مثل علم الحديث، علم الكلام، الفلسفة الإسلامية، مما أثرى منهجيته. عبر العصور،
تطورت مدارس الاجتهاد والتجديد، مثل فكر المقاصد عند الشاطبي، واجتهادات المعاصرين
في قضايا حديثة مثل الاقتصاد الإسلامي والفقه الطبي.
لماذا إبستيمية النص الفقهي مهمة؟ لأنها تساعد في فهم آليات إنتاج الفقه، ولماذا يختلف الفقهاء، وكيف يتطور الفقه مع الزمن. توضح كيفية التعامل مع النصوص الفقهية في العصر الحديث، خاصة عند محاولة التجديد والإصلاح. تكشف عن الأسس العقلية واللغوية التي يقوم عليها الفقه، مما يسهم في تطوير دراسات الفكر الإسلامي.
من كتاب القراءات المعاصرة لابن رشد الحفيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق