الأربعاء، 9 مارس 2011

إنّ كنت ناقلا فالصحة و إن كنت ناقدا فالدليل


     قال تعالى: "وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ " 20 / 21 سورة الذاريات 
قال الدكتور عناية الله المشرقي، وهو من أعظم علماء الهند في الطبيعة والرياضيات، و يتمتع بشهرة كبيرة في الغرب، لاكتشافاته العديدة و أفكاره الجديدة و هو أول من عرض فكرة القنبلة الذرية و له العديد من المؤلفات في الفيزياء الذرية قال: خرجت من بيتي لقضاء شأن من الشؤون، و كان ذلك يوم الأحد من أيام سنة 1909م فإذا بي أرى الفلكي المشهور السير جميس جينز الأستاذ بجامعة كمبرج، فدنوت منه و سلمت عليه فسألني: ماذا تريد مني؟ فقلت له: أن شمسيتك تحت إبطك رغم شدة المطر! فتبسم السير جيمس  وفتح شمسيته على الفور، و توقف لحظة ثم قال: عليك أن تأخذ شاي المساء عندي
و عندما و صلت إلى داره في المساء، خرجت ليدي جيمس في تمام الساعة الرابعة بالضبط وأخبرتني أن السير جيمس ينتظرني،  وعندما دخلت عليه في الغرفة وجدت أمامه منضدة صغيرة موضوعة عليها أدوات الشاي. كان البروفيسور منهمكاً في أفكاره،  وعندما شعر بوجودي، سألني: ماذا تريد؟ و دون أن ينتظر ردي، بدأ يلقي محاضرة عن تكوين الأجرام السماوية، و نظامها المدهش و أبعادها وفواصلها اللامنتاهية، و طرقها و مداراتها و جاذبيتها و طوفان أنوارها المذهلة، حتى إنني شعرت بقلبي يهتز بهيبة الله تعالى و جلاله.
    و أما السير جيمس فوجدت شعر رأسه قائماً، والدموع تنهمر من عينيه و يداه ترتعدان من خشية الله، و توقف فجأة ثمّ بدأ يقول: يا عناية الله عندما ألقي نظرة على روائع خلق الله يبدأ وجودي يرتعش من الجلال الإلهي، و عندما أركع أمام الله وأقول له " إنك عظيم " أجد أن كل جزء من كياني يؤيدني في هذا الدعاء، و أشعر بسكون و سعادة عظيمتين، و أحس بسعادة تفوق سعادة الآخرين ألف مرة، أفهمت ... يا عناية الله خان؟
     و يضيف العلامة عناية الله قائلاً: لقد أحدثت هذه المحاضرة طوفان في عقلي و قلت له : يا سيدي لقد تأثرت جداً بالتفاصيل العلمية التي رويتموها لي، و تذكرت بهذه المناسبة آية من كتاب الله فلو سمحتم لي لقرأتها عليكم فهز رأسه قائلاً: بكل سرور فقرأت عليه الآية التالية: " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ " ( 27/ 28) سورة فاطر 
     فصرخ السير جيمس قائلا: ماذا قلت؟ "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ" مدهش وغريب وعجيب جدا إن الأمر الذي كشفت عنه درسته واكتشفته بعد خمسين سنة من البحث. من أنبأ محمد صلى الله عليه و سلم به ؟
     هذا الحدثة قرأتها في كتاب للشيخ كشك يتحدث فيه عن الحق و الباطل و ما جرني لذكرها أننا اليوم نقف أمام الباطل في صراع من أجل إظهار الحق رغم أن ظهوره لا يحتاج إلى كثير من الجهد لأنه جلي واضح و لكن الكثيرين يلبسونه بالباطل إرضاء لهوى النفس و ضعف الإيمان و قلة التدبير و الحكمة.
     منذ يومين بعث لي صديق على صفحة الفايس بوك مقطع فديو للشيخ راشد الغنوشي يتحدث فيه عن المرأة و ضرورة تقييد عملها  ودورها في المجتمع و الاقتصار على بقائها في البيت و من يشاهد هذا المقطع يصعق لما يسمع. لكن ما استرعى انتباهي أني شاهدت الحديث للشيخ على قناة فضائية كاملا بل أنه لم يذهب إلى تلك الآراء و الأفكار بل الرجل قال كلاما يعتبر جد متطورا في فهم قضايا الإسلام الاجتماعية و منها قضية المرأة و التي مازالت عصية الطرح لدى الكثير من علماء الإسلام في دول عربية  وإسلامية. الغريب أن من روج للشريط استفاد من التقنيات الحديثة لتركيب الكلام وفق غاية معينة تهدف إلى التشويه والتزييف لنشر البلبلة و إظهار أن الإسلاميين مايزالون خارج الواقع و التطورات و الثورة و هي ازهاق الحق و رفع الباطل.
     إن معركة الحق و الباطل معركة أزلية لن تتوقف لأن البشر مايزالون يميلون إلى النفس الأمارة بالسوء التي تشرع و تزين لصاحبها المنكر و الباطل و التي تسيطر عليه سيطرة تامة فهو عبد لتوجهاتها و ميولاتها و لن ينتصر من الخروج من دائرتها إلا بالرجوع إلى الحق و الانتصار له. و من يريد إثبات براهينه و حججه لا يعتمد المين و الكذب و التزييف بل حري به مقارعة الحجة بالحجة و الدليل لذلك أقام علماء الإسلام قاعدة منهجية تقول " إن كنت ناقلا فالصحة و إن كنت ناقدا فالدليل "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق